ندوة حول المياه في المجلس النيابي


 

افتتح رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي ممثلاً بنائب الرئيس الأستاذ ايلي فرزلي ندوة حول مسألة المياه في لبنان " في العاشرة والنصف من قبل ظهر الأربعاء 13/2/2002 في القاعة العامة لمجلس النواب " أعدتها لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النيابية بالتعاون مع مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في حضور وزير الطاقة والمياه عبد الحميد بيضون ورئيس لجنة الأشغال النائب محمد قباني، وعدد كبير من النواب وحشد من السفراء والمنظمات الدولية والهيئات الأهلية المهتمة والمسؤولين في مجال الطاقة والمياه.

 

بداية، كلمة لعريف الندوة مدير UNDP في مجلس النواب ايلي خوري

 

ثم كانت كلمة راعي الندوة دولة الرئيس نبيه برّي ممثلاً بنائب رئيس المجلس الأستاذ ايلي فرزلي الذي استهل كلمته بالقول :

 

" كلفني دولة رئيس مجلس النواب تمثيله في هذه الندوة ( حول مسألة المياه في لبنان ).
وأنني اذ اقدر عالياً مبادرة لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية لاختيارها عنوان هذه الندوة الهامة، اشكر مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعاونه في تنظيم سلسلة الندوات.

أن الأمن المائي أصبح أهمية كبرى على المستوى العالمي، كالأمن الغذائي والأمن الصحي، وتكاد الكثير من القوى العالمية تضع من أولى استراتيجياتها تأمين موارد المياه وهي لا تتهيب في خوض الحروب من أجل ذلك.

أن أزمة المياه التي يشهدها لبنان في السنوات الأخيرة، وإمكانية تعاظمها مستقبلاً تدفعنا إلى التوقف للقيام بدراسة موضوعية شاملة، تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المناخ والحفاظ على هذه الثروة الطبيعية التي خص الله بها لبنان، كما يتوجب رسم سياسة مائية وتشريعات وقوانين من شأنها ان تحافظ على هذه الثروة، وتستثمرها لمصلحة التنمية الوطنية.

ان إشراك الإدارات العامة لهيئات المجتمع المدني، يمكننا من تحديد الإمكانات المتاحة لنا للحفاظ على أمننا المائي، وعلى وضع القوانين والمشاريع التنفيذية للحفاظ على هذه الثروة، والإفادة من مردودها على المستوى الاقتصادي والوطني.

كما دعا إلى التوعية الشعبية لإدراك أهمية حسن استعمال هذه الثروة، لم يعد جائزاً ان يبقى حفر الآبار الارتوازية بهذا الشكل العشوائي وعدم وجود مخطط توجيهي لذلك.

كما ان الإفادة من مجاري الأنهر، وإنشاء السدود، يجعل الرقعة الزراعية تتوسع بما يحمل ذلك من زيادة الدخل القومي وخلقه فرص عمل وإنتاج لشريحة كبرى من شعبنا.

لذلك، فان دراسة جدوى قسمة المياه في إطار الاتفاق اللبناني السوري يمكن أن يؤمن قيام مشاريع حيوية لتوليد الطاقة الكهربائية التي تدخل في الكثير من مشاريع التنمية على مختلف الصعد.

ان الإطماع الإسرائيلية في مياهنا قديمة، وهي تعمل جاهدة على المستوى الدولي لتسويق حقها المزعوم في اقتسامها مياهنا، مدعية ان هناك فائضاً لهذه المياه.

 

ثم ألقى رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه المهندس محمد قباني الكلمة الآتية :

 

" نشرت وكالة " رويترز " قبل عام ونيف دراسة تقول أنه إذا تحققت توقعات العلماء بأن الماء سيصبح سلعة نادرة ونفيسة مثل النفط خلال القرن الحالي بسبب الانفجار السكاني العالمي، فإن ثروة النمسا المائية قد تعادل حينها ثروة السعودية النفطية.

ولقد واجه الوطن العربي عجزاً في المياه قدر بحوالي 155 بليون متر مكعب عام 2000. ومن المتوقع أن يرتفع العجز عام 2030 إلى 259 بليون متر مكعب.

ويواجه لبنان بالذات مطامع إسرائيلية في مياهه وخاصة في مياه نهر الليطاني بالإضافة إلى نهري الحاصباني والوزاني. وهي تروج لمقولة كاذبة في أن لبنان لا يحتاج لكامل موارده المائية ولذلك لا يستغلها. وهذا القول مردود كما تظهر الأرقام والدراسات في هذه الندوة وفي سواها.

إن المعدل السنوي العام للمياه على مختلف الأراضي اللبنانية في سنة متوسطة الأمطار يبلغ نحو 8200 مليون متر مكعب. يتسرب من هذه الكميات إلى باطن الأرض 1500 مليون م3 في حين يبقى 6700 مليون م3 على سطح الأرض. وفي المياه المتسربة إلى داخل الأرض يجري 685 مليون م3 إلى فلسطين والبحر، ويتبخر 250 مليون م3، فيما يبقى في جوف الأرض 565 مليون م3 كحد أقصى من المياه القابلة للاستعمال.

أما كميات المياه السطحية والتي تبلغ 6700 مليون م3 فيذهب منها إلى سوريا 450 مليون م3 عبر نهر العاصي و220 مليون م3 إلى فلسطين عبر الوزاني والحاصباني، وتبلغ الكميات التي تتبخر 3850 م3 ويبقى قابلاً للاستعمال 2200 مليون م3. وتقدر كميات المياه التي يمكن استعمالها إن في جوف الأرض أو على سطحها ب 2767 مليون م3 يستخدم منها حالياً 1300 مليون م3 ويهدر 1467 مليون م3 في البحر.

وتظهر هذه الأرقام أن المياه التي تعبر أنهر وسواقي وأراضي لبنان وتصب في البحر، تتعدى حجم المياه التي تستخدم للشفة ( 350 مليون م3 ) والصناعة ( 70 مليون م3 ) والري ( 900 مليون م3 ) في وقت يعيش فيه العديد من المدن والقرى والمناطق شحاً وتقنيناً في المياه طوال السنة وحتى في أيام الشتاء.
من جهة أخرى أشارت دراسة وطنية قامت بها منظمة اليونيسف عام 1990 إلى أن 60 إلى 70 في المئة من مصادر المياه والشبكات في لبنان معرضة للتلوث الجرثومي . وتزيد نسبة هذا التلوث بنحو 10 في المئة في موسم الجفاف . وهذا التلوث موجود في جميع المناطق اللبنانية. أما أسباب التلوث وفقاً للدراسة فهي :

  • عدم وجود حماية لمصادر المياه الطبيعية.

  • تعرض الينابيع والمصادر السطحية لمياه الزراعة والمياه المبتذلة والنفايات الصلبة.

  • الطرق غير السليمة للتخلص من المياه المبتذلة والنفايات الصلبة.

  • تعرض شبكات المياه لتسرب المياه المبتذلة إليها.

  • غياب أي صيانة لشبكة توزيع المياه.

  • غياب الطرق السليمة لتعقيم المياه.

أما المياه الجوفية فتتعرض لاستغلال عشوائي في غياب القوانين والأنظمة الرادعة. وقد نتج عن استباحة هذه الثروة الطبيعية استتراف الطاقة المتاحة واختلال التوازن بين الوارد الطبيعي المغذي للخزان الجوفي وعملية السحب المتمادية للمياه بواسطة آبار ارتوازية ارتفع عددها بشكل عشوائي مخيف.

إن لبنان مع بقاء مصادر المياه كما هي مهدد كسواه من الدول العربية بنقص في المياه بحلول عام 2015 مما يوجب إعطاء الأولوية لسياسة مائية وبالتالي خطط ومشاريع للاستفادة من المياه المتاحة، وإيجاد مصادر جديدة لتلبية الحاجات.

إن المعالجة الصحيحة تبدأ بالإدارة. إدارة لقطاع المياه تستطيع تأمين التخطيط والتنفيذ والتشغيل والصيانة. كل ذلك بفعالية وبعيداً عن الازدواجية.

وختم : لا بد من هذه الندوة الهادفة إلى تكوين صورة موضوعية وشاملة لمسألة المياه في لبنان، وبداية صياغة توجهات لرسم سياسة مائية ومخطط توجيهي تترجمها اللجنة كتوصيات للحكومة مساهمة منها في إعداد هذه السياسة.

 

ثم ألقى وزير الطاقة والمياه الدكتور محمد عبد الحميد بيضون جاء فيها :

 

" أن موضوع المياه في لبنان يعكس بدقة واقعنا السياسي والإداري والإجتماعي، وان المواطن اللبناني يعيش هذه المرارة وان عبء فاتورة المياه على كل عائلة أصبح يتجاوز أغلى فاتورة مياه في الدول الراقية ".

ودعا إلى المعالجة من هذه النقطة والعمل على تأمين إدارة متطورة يشترك فيها القطاع الأهلي والبلدي مع مؤسسات الدولة.

وأضاف : إن قطاع المياه لا يمكن تخصيصه وتركه للعقلية البيروقراطية، بل يجب الدعوة إلى نظام متطور هو حالياً قيد التطبيق في أكثر من بلد.

وقال : سيبدأ قريباً العمل على تجربة جديدة هي تخصيص الإدارة في طرابلس، وستكون هذه التجربة موضع عناية ومشاركة كل الفعاليات، ونأمل في أن تبدأ مع نجاحها تجارب مماثلة يتم التحضير لها حالياً في البقاع والجنوب وبيروت.

ونود ان نشدد أيضاً على أننا في وسط مرحلة مشاريع مائية كبرى بدءاً من مشروع ري الليطاني على منسوب 800 م الذي تعهد الكويت الشقيق بتمويله، والمرحلة الأولى من التمويل المقدر بـ 180 مليون دولار موجود أمام المجلس النيابي في جلسته المقبلة والذي يؤمل عند إنجازه تأمين ري حوإلى 20 ألف هكتار في مختلف مناطق الجنوب اللبناني، وتالياً مساعدة عشرات آلاف العائلات على تحسين دخلها ومستوى معيشتها وعمران منطقتها، انتهاءً بمشاريع سدود وبحيرات ستبدأ ثلاثة منها هي شبروح والقيسماني واليمونة في الأيام المقبلة وهنالك 12 سداً وبحيرة قيد الدراسة، وستنجز دراستها خلال أعوام 2002 و 2003 مروراً بمشاريع تغذية كل قضاء من الأقضية عبر تطوير مصادر المياه فيه وتطوير الشبكات والخزانات لتواكب العمران والحاجات.

وأننا نولي أهمية خاصة لمشاريع الري في البقاع وعكار، حيث أننا نأمل في إمكانية تنفيذ مشروع سد وري العاصي من جهة، ومشروع سد نورا لري عكار، وسيكون سداً مشتركاً أو عملاً هاماً مشتركاً مع الأشقاء السوريين على النهر الكبير في حجم 50 ـ 70 مليون م3 لحل مشكلة الري في مناطقنا.

وسنعمل فور إطلاق هذه المشاريع على تحضير مشروع قانون لإنشاء سلطة أو مؤسسة ري لتحويل مؤسسة الليطاني الحالية إلى مؤسسة ري كل لبنان بعد تطوير إمكاناتها وهيكليتها وأنظمتها.

ودعا إلى فتح الباب لاستثمارات تطور الاقتصاد والعمل على أن يكون مبدأ الإنماء المتوازن هو الذي يحكم سياسة المياه في لبنان.

 

ثم جرت مداخلات للدكتور معتصم الفاضل حول الموارد المائية المتاحة والبدائل، وتكلم المدير العام للموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير عن خطة الدولة العشرية، كما تحدث مدير قسم الموارد الطبيعية والبيئية في الأسكوا محمد عبد الرزاق عن الإدارة المتكاملة للموارد المائية.

 

جلسات العمل

 

بعد جلسة الافتتاح، بدأت جلسات العمل التي تناولت ثلاثة محاور اعد لكل منها وثيقة مكتوبة،

  - المحور الأول بعنوان :"الموارد المائية الوضع الحالي والاحتياجات المستقبلية "، قدمه مدير مركز الموارد المائية في الجامعة الأميركية الدكتور معتصم الفاضل الذي عرض للموارد المائية المتوافرة في لبنان من مختلف المصادر، وأورد إحصاءات ودراسات ومؤشرات عن مياه الشرب والمياه المعبأة القناني والتي في أكثرها ملوثة. وشدد على أهمية نوعية المياه وضرورة إجراء فحوصات دورية ومخبرّية.

وتحدث عن عوائق إدارية وصعوبات تواجه قطاع المياه في لبنان . ثم دعا إلى تعديل الانظمة بغية تحسين استثمار الموارد المائية الحالية ولتطوير الموارد غير التقليدية في المستقبل مثل تحلية المياه واستخدام المياه المبتذلة.

  - المحور الثاني تناول الخطة العشرية لوزارة الطاقة والمياه ( 2001 ـ 2011 ) وقدمه الدكتور فادي قمير الذي عرض المبادىء العامة المعتمدة في وضع الخطة، متطرقا إلى الأوضاع الإدارية والقانونية والمعطيات والوقائع، وأعطى لمحة عامة عن العناصر الأساسية للخطة العشرية وأرقامها وتوزيع الاعتمادات وقدم الأسباب الموجبة للخطة العشرية، وتأمين مصادر إضافية للمياه، وعرض لائحة المشاريع المائية الكبرى من سدود وبحيرات جبلية.

وأشار إلى الإجراءات المتخذة لإنشاء المصالح المائية الإقليمية وعلى عودة المديرية العامة للتجهيز المائي والكهربائي. وأكد على ضرورة تثبيت حقوق الدولة اللبنانية على المياه السطحية والجوفية واعتماد التخزين السطحي والتخزين الجوفي وتأمين الاعتمادات من خلال الموازنة العامة للدولة وليس من خلال القروض الخارجية.

  - المحور الثالث تناول الإدارة المتكاملة للموارد المائية، المبادىء والتطبيقات " :

وقدّمه الدكتور محمد جميل عبد الرزاق، من منظمة الاسكوا، وعرض فيه للموارد المائية المتوافرة في منطقة الأسكوا، الموارد المتاحة وأنماط الاستخدام وتنمية الموارد وإداراتها في الماضي والحاضر وتكاليف الإنتاج ومشاكل المياه. ثم تحدث عن الإدارة المتكاملة للموارد المائية وتكامل القطاعات المتقاطعة. وعرض لتقديم توصيات لإنشاء الإدارة الناجعة للموارد المائية على المستوى الوطني. واقترح أن يستفيد لبنان من المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال. وقال بضرورة وضع خطة مائية لمواجهة الاحتياجات في المستقبل، وعلى استخدام المياه المبتذلة.
وختم بتعداد العناصر والشروط اللازمة لإنجاح عمل أي إدارة متكاملة للمياه.

 

وقدّم النائب عاصم قانصوه مداخلة حول مسألة المياه في لبنان والسياسات المعتمدة من قبل الحكومات المتعاقبة، ثم أوضح خطأ هذه السياسات خصوصاً في مجال استخدام المياه للكهرباء بدلاً من الري والشرب. وأشاد بجهود الرئيس نبيه برّي لتحقيق منسوب 800 م على نهر الليطاني. وأوضح الأخطاء الفنية التي ارتكبتها الشركات التي نفذت أجزاء من المشاريع المائية. واقترح إعادة استثمار المياه الجوفية التي تذهب إلى البحر أو إلى المجاري، وإنشاء نفق مائي بين شتورة والزلقا وإنشاء سد شبروح.

 


أعلى الصفحة | اتصل بنا |

حقوق الطبع محفوظة ©

أنجز هذا الموقع الفريق الفني في مصلحة المعلوماتية - مجلس النواب اللبناني

ونشر بالتعاون مع : مركز الدراسات التّشريعيّة في جامعة نيويورك -ألبني