أكد رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري أمام نقيب المحررين ملحم كرم وأعضاء مجلس النقابة والمستشارين الذي استقبلهم في عين التينة، مضيه في الدعوة الى تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية "من دون أدنى ريب، وهذا الموضوع لا تراجع عنه لأنه نص دستوري ملزم، وفي كل الدستور ليس هناك تعبير "على مجلس النواب" إلا في هذا الموضوع"، مشددا "أن هذه الهيئة ليس لديها أي عمل إلا التمهيد، ولا تمون على شيء إلا أن تعد النفوس".
وكان النقيب كرم استهل اللقاء بكلمة قال فيها: "لا أعرف كيف أقدم نبيه بري الى اخواني الصحافيين، لقد دخل السياسة والشأن العام دخول المتفوقين، فهي عنده الحاح نزعة وصوت دعوة وختام تبحر وقرار التقاء، يعرف كيف يتعامل مع الرأي المعاكس، فيستوعبه باستدارات تبعد عن الزوايا الجارحة. محام بارز متفوق يؤمن بفعل الجدلية، ويعرف كيف يديرها، رحابة الصدر هي آية من عطاءاته وما يقدمه لناخبيه ومؤيديه وأصدقائه. لا أجد في القول فيه الا ما قاله الشاعر "القول فيك فعال والظن منك يقين ما من يديك شمال كلتا يديك يمين".
ورد الرئيس بري مازحا: "في رأيي أن المقابلة انتهت، لأن لا أحد يتكلم بأفضل من هذا الكلام، لا كأدب ولا كسياسة".
ثم رحب الرئيس بري بالنقيب كرم ومجلس النقابة مؤكدا "التواصل في مثل هذه اللقاءات بشكل دائم".
وسئل عن دعوته الى تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، وما اذا كان سيستمر بهذه الدعوة ويواصل العمل لها، فأجاب: "من دون أدنى ريب، هذا الموضوع لا تراجع عنه، ليس على سبيل العناد السياسي، لكن هذا نص دستوري ملزم، وفي كل الدستور ليس هناك تعبير "على مجلس النواب" إلا في ما يختص بهذا الموضوع. فإذا قرأتم الدستور كله فإنكم تجدون انه بالنسبة الى هذا الموضوع جاء في النص "على مجلس النواب". وهذا يذكرني بالكلام الذي قلته في مؤتمري الصحافي، ويا للاسف فإن هناك بعض الذين يعتبرون أنفسهم متفقهين، آسف أن اقول هذا الكلام، لانني كما عبر صديقنا وأخونا النقيب احب ان ادور الزوايا حتى لا تكون جارحة، ولكن مرات عديدة يعطى الرأي وفقا للهوى او للغوى، وهذا الامر فيه تضليل. النص يقول انه عند انتخاب أول مجلس نيابي على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين على مجلس النواب أن يؤلف الهيئة. أليس كذلك؟ متى انتخب اول مجلس؟ عام 1992. ولقد أوضحت في المؤتمر الصحافي أنني انتخبت في 20 تشرين الاول عام 1992 ولم أتأخر خمس دقائق في الاعلان عن هذا الامر. أوضحت هذا الامر في المؤتمر الصحافي الذي عقدته في مجلس النواب أمام الرأي العام وتلوت ما قلته في خطابي بعد انتخابي. ولكي لا نعيد ما قلناه في المؤتمر ولا نكرر أنفسنا، قلت ما قلته عن الهيئة الوطنية. وأكدت أن هذا من واجباتي ولم أخدع أحدا أو أخادع أحدا، لانني لا أقوم بعمل إكراما لي أو نكاية بأحد. وقد أجرينا مشاورات وتكلمنا بالتفاصيل وفي مكتب المجلس أيضا، وبدأنا بالعمل، وأتى من قال لي قولا وجدت أنه مقنع، بأن المجلس الذي انتخب آنذاك، صحيح أنه كان مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ولكن كان هناك مقاطعة مسيحية. في كل لبنان قاطع إخواننا المسيحيون إلا في الجنوب. كانت هناك مقاطعة حقيقية، وهناك نواب نجحوا بأربعين أو خمسين صوتا، وجاء من يقول لي إن هذه المناصفة صورية. وعام 1996 أعدت الكرة وقمنا بما قمنا به، وقلنا ذلك في مؤتمرنا الصحافي، أنا وفخامة الرئيس الهراوي والرئيس الحريري، على أساس أن نسير بهذا الموضوع، وقال الرئيس الهراوي آنذاك فلنقر الزواج المدني الاختياري، وأود هنا أن أكرر مرة أخرى أن المسلم الاوحد وليس الوحيد، وللمرة الاولى في تاريخ لبنان يوافق على الزواج المدني الاختياري. كنت أنا شخصيا وصوتنا ونلنا 21 صوتا من أصل 30 واتخذ القرار في مجلس الوزراء آنذاك ولا يزال حتى الآن، وقد خرج يومها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقال: "لقد اتخذ هذا القرار ولكن لا أستطيع أن أوقع". ولا يزال القرار موجودا في مجلس الوزراء وغير موقع. لماذا أقول ذلك؟ لان ثمة من يتحجج ويسأل لماذا لم يبدأ الرئيس بري بهذه الدعوة في المجلس الاول؟ اليوم مثلا معالي الوزير بطرس حرب "جددت حبك ليه"، جدد وقال لماذا لم يبدأ من أول الطريق؟ ولكن هو يعرف لانه كان نائبا، ان هذا الامر قد حصل، واذا نسي فإننا ذكرناه في المؤتمر الصحافي، فلماذا الاصرار على هذا الموضوع؟ هناك أيضا من قال فلنقم أولا بمقدمات، أقول لهم أنني قمت بمقدمات، فقد أنشأنا المجلس الدستوري رغم اعتراضات الشيعة على أن هذا المجلس يأخذ من صلاحيات مجلس النواب، ولم أرد على هذه الاعتراضات. وشكلنا المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي قالوا إنه يأخذ من صلاحيات اللجنة المالية في مجلس النواب ولم أرد أيضا على هذا الكلام".
أضاف: "أما بالنسبة الى اللامركزية الادارية فإنني لم أضعها في اللجان فحسب، بل في لجنة تحديث القوانين في مجلس النواب، وانتهت، والآن هي في لجنة الدفاع والامن النيابية برئاسة النائب سمير الجسر، وقد عقدت الجلسة أربع أو خمس جلسات واجتازت مرحلة، وعندما دخلت قلت إن هذا الموضوع سيكون ضمن سلة: قانون انتخاب، ومجلس الشيوخ واللامركزية الادارية. هناك حجة أخرى قيلت: علام تأخرت؟ فلقد انتخبت في 20 تشرين الاول 1992 وتكلمت في 20 تشرين الأول. أما إذا كانوا يريدون تاريخي فليس لدي مانع. لقد كنت رئيس طلاب لبنان عام 1963 وكان برنامجي في رئاسة الطلاب إلغاء الطائفية السياسية، وهذا الامر معروف. وفي لوزان وجنيف قلت الكلام تفسه مع فخامة الرئيس كميل شمعون رحمه الله، وقال لي إننا نسير بالعلمنة، فقلت له إن حظك ليس جيدا معي. فسألني لماذا؟ فأجبته بأن الورقة التي تأتي بها موقعة من البطريرك وأنا آتي بورقة موقعة من المفتي، وأنا حاضر، يعني أن هذا الامر لست ابن الامس فيه. هناك من قال إنه يجب أن يكون هناك إعداد ما يسمى بإلغائها من النفوس قبل النصوص. صدقوني ايها الاخوة ان هذه الهيئة ليس لديها اي عمل على الاطلاق ولا تمون على شيء الا ان تعد النفوس. فإذا كنت تريد ان تعد النفوس عليك ان تؤسس هذه الهيئة، من سيعد النفوس؟ ملحم كرم؟ نبيه بري؟ هذه الهيئة أتت لكي تعد النفوس. وبما أننا أتينا على ذكر صديقنا بطرس حرب، أنا لم أكن في الطائف أما هو فكان هناك، وبعد إقرار تأليف هذه الهيئة ووضعها في الدستور، دافع عنها، وقد ورد حرفيا يومها: "أما النائب بطرس حرب فقد اكتفى بالتوضيح أن الخطة المرحلية التي سوف تضعها الهيئة الوطنية العتيدة تهدف الى إزالة المراحل الطائفية من النفوس"، وهو يدافع عنها بعد الطائف. وردا على اسئلة عن هذه الهيئة قال ما قاله عن عملها. هذا هو كلامه الحرفي، فلينكره وقد ورد في الصحف".
وتابع الرئيس بري: "هناك أيضا أناس قالوا، وأنا أسمي هؤلاء جماعة "بيغ بن"، إن هذا الموضوع ليس وقته الآن، تعلمون أنهم يسيرون على ساعة "بيغ بن" وينامون ويأكلون عليها، ويمارسون السياسة أيضا على "بيغ بن"، قالوا إن هذا الموضوع ليس وقته. فإذا كان بعد 83 سنة لم يأت وقت هذه الهيئة. وإذا كانت حرب أولى، لا أريد أن أقول إنها شبه أهلية ولكنها شبه طائفية جرت عام 1958 ثم عام 1969، ثم عام 1975 وصولا الى 1989، ووصولا الى اليوم ، فإذا ضرب واحد الآخر في الشارع تحصل مشكلة. لماذا القول ان هذا الموضوع ليس وقته الآن؟ لقد مرت 83 سنة، فهل ننتظر أن يدفع أحفادنا وأحفاد أحفادنا الاثمان في هذا الموضوع؟ هناك حجة أخرى، وأريد أن أقول لجماعة "بيغ بن" انه بعد 83 سنة لم "يطلع منكم الا الرجوع الى الوراء"، ومن يفكر انني سأيأس فليس كثيرا ان اناضل سنة وسنتين وثلاثا وأربعا لكي أصل الى إقرار الهيئة. وإن عملها التمهيد، وقد أعطيت أمثلة عديدة ولدي أمثلة أخرى".
وقال: "النقطة الاخيرة التي أود أن أشير اليها هي أن هناك من قال إن دعوتي هي تغطية على سلاح المقاومة، وقد تكلمت على هذا الموضوع في المؤتمر الصحافي وقلت إن الانسان يغطي مسألة يستحي بها، ولكن أنا أقر وأعترف بكل قواي العقلية والجسدية وعند عشرين كاتب عدل انني أسست المقاومة، أنا من مؤسسي المقاومة، فلماذا استحي في هذا الموضوع؟ أول مقاومة لبنانية اسسها سماحة الامام السيد موسى الصدر وكنا نحن خلفه، ونحن نؤسس المقاومة ونناضل وأقسمنا اليمين وراء الامام السيد موسى الصدر على إلغاء الطائفية السياسية، وأنا مستعد للرجوع الى التاريخ، فما هي الغاية من كل هذا الموضوع؟ كل الهدف هو أن أجعل المواطن اللبناني يرتبط بوطنه عابرا للمذاهب والطوائف. وليس لدي هدف آخر على الاطلاق. أما الهيئة فلا يحق لها حتى التوصية. ولقد قلت هذا الكلام أمام بعض الزملاء، وقلت لو كان للهيئة حق القرار لكنت أفهم ما يقال، ولو كان لها حق التوصية باعتبار أن التوصية لها شيء معنوي لفهمت أيضا. هذه الهيئة تقترح على مجلس الوزراء ومجلس الوزراء يرسل لاحقا الى مجلس النواب متى تؤلف الهيئة؟ هذه الطينة من هذه العجينة، من الآن أقول لكم إنها تؤلف مثل طاولة الحوار، وعلى طريقة ستة وستة مكرر او "ستتين وستتين مكررتين"، لا شيء يتم في الهيئة بالتصويت، لا اريد ان اقول هذا الكلام، ولكن في الحقيقة هم يجبرونني على ذلك. ألم يكن في طاولة الحوار 12 بندا وقد أقر 11؟ فهل سمعتم انه حصل تصويت في الحوار؟ هل المواضيع التي طرحت على طاولة الحوار كانت أقسى واقوى أم المواضيع التي ستطرح في الهيئة؟ ما هي قصة البحث في كتاب موحد أو قانون أحزاب جديد أو غير ذلك؟ أريد أن أسأل: السلاح الفلسطيني والمحكمة الدولية والعلاقات مع سوريا ألم تؤخذ كل هذه الامور بالاجماع؟ لقد اخذت بالاجماع بين اللبنانيين، وبطبيعة الحال فان القرارات ستؤخذ في هذا الموضوع بالاجماع، فعلام هذا الخوف؟ الحمد لله ان شعبنا أقل طائفية منا، ونحن فوق أصبحنا في واد والشعب اللبناني في واد آخر. هذا استطلاع لم أطلبه، قامت به "الدولية للمعلومات"، وليس من واجباتي الاعلان عنه، ولكن النتيجة التي خرج بها الاستطلاع أمس هي: 58 في المئة من اللبنانيين يؤيدون الغاء الطائفية السياسية و22% يعارضون، و10 في المئة يقولون "ليس الآن" و10% محايدون. المهم أن هناك 58 في المئة يؤيدون الغاء الطائفية السياسية، وهذا الامر اكثر ما يشجعني على الاستمرار في الموضوع وليس لدي لا مصلحة شخصية ولا أمور أخرى".
وردا على سؤال عن جلسة الاثنين، قال: "جلسة الاثنين لها جدول اعمال وليس لها علاقة بهذا الموضوع على الاطلاق".
سئل: الرئيس بري صمام أمان، ولقد كنت دائما تجمع كل اللبنانيين، اليوم هناك في البلد هواجس عند المسيحيين وبصورة خاصة عند الموارنة، ولقد بادرت بشكل حضاري ودستوري وقانوني لكن هذا الامر زاد الهواجس عند المسيحيين بمجرد استعمال عبارة الغاء الطائفية السياسية بهيئة او بدون هيئة؟ اجاب: "لم أكن في حياتي أحاول أن أجمع اللبنانيين على مشروع ينقذ لبنان على المستقبل البعيد بمقدار هذا المشروع. وتأكد تماما انه اذا تألفت الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية وانا عضو فيها ويترأسها فخامة الرئيس، ستستغرب المواقف التي ستكون لي لمصلحة كل الطوائف وليس للطائفيين، هناك فرق كبير في هذا الامر. واقول اكثر، ان هذا المشروع الآن واقرار هذه الهيئة هو لمصلحة المسيحيين اولا وثانيا واحد عشر كوكبا، ولكن اريد هنا ان استشهد بالسيد المسيح عليه السلام: اغفر لهم يا ابتاه لانهم لا يدرون ما يفعلون"، أريد أن اقول ذلك بصراحة".
وردا على سؤال آخر، قال: "إن الهيئة يؤلفها مجلس النواب وليس للحكومة علاقة بها من قريب ولا من بعيد. وأريد أن أعطي مثلا. هناك المجلس الوطني للاعلام، نصفه يعين في مجلس الوزراء والنصف الآخر في مجلس النواب، وكذلك المجلس الدستوري. نحن نعد لهذا الموضوع وننتخب الهيئة في المجلس. ومثلا يوم الاثنين سننتخب حصة المجلس النيابي من المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. عادة، أجمع مكتب المجلس، وقد جمعته امس ونتداول الاسماء، و"ننور" المجلس، وله الحق ان يبدل او لا، فهو سيد نفسه في هذا الموضوع".
وقال ردا على سؤال: "قبلا، كان الاخوة المسيحيون هم الاكثرية في لبنان وكانت السلطة بيد شخص رئيس الجمهورية، وكان هو السلطة التنفيذية يعاونه وزراء يسمى من بينهم رئيس حكومة كل هذه السلطات، ومع ذلك كانت الطائفية موجودة، فهل حمتهم؟ لا، ولا تحمي غيرهم الآن ولا تحمي المسلمين. إنها كالافعى تحملها وتضعها في صدرك وتعتبر أنها تحميك، ولكن لا تعرف متى تلدغك، وهذا الكلام قلته في محاضرة في الجامعة الاميركية عام 1963. إن الطائفية أفعى وكل منا يظن أنها تحميه، ولكن لا يعرف في الحقيقة متى تلدغه".
أضاف: " لقد أقر في قانون الانتخاب حق اقتراع المغترب، والمعروف أن عدد المغتربين في الخارج من المسيحيين هم أكثر من المسلمين، مع الاشارة الى أنني موافق على هذا الامر ليس من أجل هذه الغاية بل لان الذين في الخارج ليسوا طائفيين. مشكلتي مع ملحم كرم، مع العلم أن الممثل لا ينطبق عليه، ليست أنه مسيحي، بل مشكلتي معه إذا كان مسيحيا متعصبا، ومشكلته معي ليست أنني مسلم بل المشكلة إذا كنت مسلما متعصبا. لقد كنت في الاغتراب وأعرف أن الذين سيقترعون هناك سيوصلوننا الى أكثر من إلغاء الطائفية السياسية".
وقال: "بقيت أربعة أمور من النوع الثقيل لم تنفذ في الطائف، هي مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية وقانون انتخاب على أساس وطني لا طائفي- ولا ينص على كلمة النسبية ولكننا متفقون على النسبية في الدوائر الكبرى- والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية. وقد طرحت المواضيع الاربعة معا ولم أطرح واحدا دون الآخر، بدليل أن هناك أمرا وضع بتوقيت لا يمكن ان نقدم عليه قبل أن ننتهي من موضوع آخر. أما اللامركزية الادارية فهي تناقش في مجلس النواب، وقد اتفقنا على قانون الانتخاب في المرة السابقة على أساس القضاء، وفي رأيي أن الناس تشكو الآن منه ونحن مجبرون اذا كنا نريد ان يطبق الطائف على أن نعيد النظر في القانون وقد قالت الحكومة انه خلال 18 شهرا ستعيد النظر في قانون الانتخاب. هذه الامور سائرة، أما بالنسبة الى تشكيل الهيئة الوطنية لالقاء الطائفية السياسية فانهم يلوموننا الآن لأننا تأخرنا، فكيف إذا تأخرنا أكثر؟
سئل: يقال إنه سيصرف النظر عن هذا الموضوع؟ اجاب: "انهم لا يعرفون نبيه بري".
سئل عن تصريح أمين سر حركة "فتح الانتفاضة" "أبو موسى" حول السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، فأجاب الرئيس بري: "عندما يجمع اللبنانيون على موضوع معين لا يجوز لابي موسى ولا لاحد على الاطلاق أن يقفز فوقه، هذا كلام نهائي ونحن في الحوار الوطني أجمعنا على أن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات لن يبقى موجودا، وسيخضع السلاح داخل المخيمات لتنظيم. تعرفون النص الذي صدر عن الحوار آنذاك. وكخطوة عملية تألفت لجنة قوامها الاخ السيد حسن نصرالله والاخ الشيخ سعد الحريري، ولم يكن حينها رئيس حكومة، ونبيه بري. تألفت لجنة ثلاثية لكي تقوم بالحوار مع اخوتنا الفلسطينيين حول إزالة السلاح خارج المخيمات، وعقدت اجتماعات عدة. وهنا أود على سبيل التذكير القول إنه حتى دولة الرئيس سعد الحريري اجتمع آنذاك بالسيد أحمد جبريل لساعات مرتين، وانا ايضا اجتمعت به، وكذلك اجتمع به السيد نصرالله، وكنا بدأنا حراكا في هذا الموضوع. وحصل عدوان تموز فتوقف كل شيء. لذلك لا أحد يخرج عن هذا الموضوع. ولقد قرأت اليوم في بعض الصحف ضمن الحملة القائمة علي في موضوع الغاء الطائفية السياسية، في هذه الجريمة التي ارتكبتها، انه من الغريب أننا لم نسمع من نبيه بري موقفا. وببساطة، أقول لم يسألني أحد، وجوابي هو أن الذي أجمع عليه اللبنانيون لا أحد يستطيع أن يقف ضده على الاطلاق، وهذا الكلام مستنكر ومرفوض".
وسئل عن حق المغتربين في الاقتراع فأجاب: "لقد أقر هذا الامر وسيطبق اعتبارا من سنة 2013".
سئل: هل ستجرى الانتخابات البلدية في موعدها؟ اجاب: "لم لا؟".
سئل: هناك من يقول بتقسيم مدينة بيروت ورأي آخر يقول لا؟ اجاب: "على أي أساس؟"
فقيل له: بشأن مشروع قانون الانتخابات البلدية؟ فاجاب الرئيس بري: "في مشروع القانون لم يرد هذا الكلام. مشروع القانون وردت فيه اشياء تتعلق بموضوع النسبية في المدن الكبرى فوق الـ21 عضوا، وموضوع حفظ حقوق المرأة بنسبة 30 في المئة، وورد ان يكون رئيس المجلس البلدي حائزا إجازة جامعية أو ما يعادلها، وبالنسبة الى المختار البكالوريا قسم ثان. وفي رأيي أن هذه الاقتراحات كلها من دون استثناء وجيهة وتستحق التوقف عندها والمناقشة. اما ماذا سيكون الموقف في مجلس الوزراء فإنني لا أعلم، وكذلك لا أعرف ما سيكون موقف مجلس النواب".
سئل: ماذا عن اللامركزية؟ اجاب: "تناقش، وقد اجتازت مراحل".
سئل: الناس في ضياع ويرون أن لا شيء على ما يرام في البلد. فما هو رأيك في اداء الحكومة؟ ليس معروفا مصير الانتخابات البلدية والتعيينات الادارية. ثم هل هناك تطمينات أميركية في ما يتعلق بالتوطين؟ وماذا بشأن ما يقال عن عدوان اسرائيلي مرتقب؟ وما رأيك في موقف العماد عون المتحالف معك والمعارض لرأيك بشأن التعيينات والهيئة الوطنية لالغاء الطائفية؟ أجاب: "أشكرك على هذه الاسئلة المفخخة جدا، ولكن سأجيبك وأريحك. بالنسبة الى اداء الحكومة، وهذا يشمل موضوع التعيينات الادارية ومصير البلديات، فهذا كله ضمن الاداء الحكومي. وأريد أن أكون منصفا أو أحاول أن أكون منصفا، وعلينا أن نعطي الحكومة فرصة ولا نظلمها، ولو كان يرأسها أي كان. مثلا أنا حتى الآن كرئيس لمجلس النواب لم أدع الى جلسة نيابية تشريعية في ظل هذه الحكومة، ولم يكن هناك مشاريع في الحكومة تستحق هذه الجلسة، إلا البارحة حين حددنا جلسة، ولو لم يحصل موضوع خفض سن الاقتراع الى 18 سنة لكنت ارجات الجلسة عشرة او خمسة عشر يوما حتى يكون لدينا قوانين اكثر اليوم. وعادة اللجان تقر أربعة أو خمسة مشاريع قوانين جديدة، لذلك لا تستطيع أن تحكم على هذا الموضوع، لكن يبقى هذا تحت المراقبة. وفي المناقشات العامة في مجلس النواب قلنا إن هذه الحكومة لديها فرصة لنرى ما إذا كانت ستنجح أم لا.
وقال: "بالنسبة الى التوطين والعدوانية الاسرائيلية، أريد ان افضح سرا حصل البارحة معي يكون الجواب عن هذا الموضوع. أنا سمعت من المندوب الاميركي جورج ميتشل كان قد التقى رئيس مجلس الوزراء البارحة وقال له "أنا اطمئن الى ان لا يمكن حصول أي حل في المنطقة على حساب لبنان"، في حضور الأخ علي حمدان. اعاد علي هذا الكلام، فقلت له: "سعادة السفير، أريد ان اقول لك شيئا اولا، اسرائيل غير جاهزة للحلول. ثانيا انا لا اسمع أي تطمين على الاطلاق لاننا نحن في لبنان مجمعون بكل طوائفنا ومناطقنا ومذاهبنا وتنوعاتنا لا يوجد احد الا وهو ضد التوطين لمصلحة بلدنا والقضية الفلسطينية. وبالتالي لا احد يستطيع "تربيحنا جميلة" (يمنننا) بهذا الموضوع وهذه هي اهمية الوحدة الوطنية. وقلت لميتشل: مع احترامي لكلامك ونياتك الحسنة، الرئيس أوباما يمكن ان تكون لديه نية للسلام، ولكن قبله الرئيس كلينتون كان لديه هذه النيات، هل تركه الاسرائيليون؟ من هنا، لبنان موحد يمنع التوطين ولبنان موحد يمنع العدوان الاسرائيلي. دائما اسرائيل لديها حجج تستفيد منها، لكن اياك ان تصدق انها تستطيع ان تستفيد اذا كان لبنان موحدا. احد اسباب الهجوم على غزة انهم وضعوا يدهم على النفط فيها. في السابق كانت هناك شركة تتقاسم بين اسرائيل والفلسطينيين وكذا. وهذا الكلام موثوق والان يريدون لا يوجد شرعية فلسطينية وبما اننا نستطيع تصنيفهم بالارهاب فنحن نكون الشرعية ونضع يدنا على هذا النفط تماما مثل الهرتين اللتين ارادتا تقسيم الجبنة فاختلفتا عليها واتتا بالقرد حتى يقسمها فجلس يضع الجبنة هنا فيزيد الوزن فيأكل الزائد ثم يضع في الكفة الثانية فتزيد فيأكل الزائد فكشفت الهرتان أمره وقالتا له: نحن رضينا، فقال لهما: اذا انتما رضيتما فان العدل لا يرضى. فأكل الجبنة بكاملها الان تماما اسرائيل عملت بغزة التي يوجد فيها اكبر كثافة سكانية في العالم وليس لها الا الله الشيء نفسه. المسجد الاقصى اليوم معرض ولا احد ينطق بكلمة. أنا اقول العدوان بطبيعة الكيان الصهيوني لكن اريد ان اسأل سؤالا: ما هي الاوراق التي تركناها بين ايدينا؟ هل الفلسطينيون موحدون؟ لا، العرب منسجمون؟ لا. اذن هل نريد ان تكرر كلمة ميخائيل نعيمة "سئل الجمال عن بيته من بناه فأجاب الشفاعة، وسئل الجبل من اين علوك فقال من الوادي". لا توجد اوراق عند العراق. الورقة الوحيدة التي لدينا هي اننا موحدون وهذا ماعبر عنه البيان الوزاري بأحسن تعابيره، وقالوا هذا يدافع عن المقاومة فهل جريمة ان ندافع عن المقاومة؟ المقاومة والجيش والشعب يعطونا التضامن. والبارحة كلام الرئيس الحريري في باريس كان فعلا يعبر بشكل جيد عن هذا الموضوع".
واضاف: "نعم، كل هذا الكلام قلته لميتشيل. نعم عز نفسك تجدها.أنا الذي قلت للذي قبل ميتشل: "سياستكم الان صارت بين"تورا بورا" وبين الارهاب الموجود في حكومة اسرائيل لا تستطيعون العمل على هذا الشكل وهذا قلته للمسؤول الاميركي جونز ايضا".
وقال: "نعود الى موضوع التعيينات الادارية، أنت تتحالف مع شخص او "حليف حليفك" كما قلت في السابق، هذا شيء، وان يكون هناك تباين بينك وبينه عندما لا يتشكل اقتناع شيء آخر. موقف كتلة التنمية والتحرير وحركة "أمل" بما يتعلق موضوع التعيينات الادارية هو الكلام نفسه الذي قلته وعدت وأوضحته هو ايجاد لجنة او هيئة تعد الى مجلس الوزراء ومجلس الوزراء يختار. اليوم هناك مقال يقول ان الرئيس بري عاد ليحكي بالملاءمة أي ملاءمة؟ انهم يعملون من الحبة قبة حتى ينفذوا من الموضوع. اولا يوجد رئيس مجلس خدمة مدنية، تفتيش مركزي، ديوان محاسبة، توجد شخصيات، يعني مثلا جلسة مجلس الوزراء ما الذي يمنعها ان تعين رؤساء مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة. مجلس الخدمة يجري امتحانات منذ عشرين او ثلاثين عاما، ولا يوجد فيه شيعي، فهل سمعتم نبيه بري او اي شيعي تطرق الى هذا الموضوع، لماذا؟ لان هذا الرجل يعمل على الصراط المستقيم ولا توجد وساطات، عندما لا توجد واسطة فهذا الرجل يمثلني ويمثل اي انسان. لم أكن قاصرا لأقول ان مجلس الخدمة يجب ان يكون فيه شيعي. لو كان هذا الرجل غير عادل لكنت خربت الدنيا، ولكن لانه رجل عادل لا تستطيع ان تتكلم ابدا. مجلس الوزراء يأخذ ستة او سبعة أشخاص من هذه النوعية. في المرة الاولى حصل التباس لاني قلت ان ليس لدي مانع ان يكون رئيس مجلس القضاء الاعلى موجودا ثم قالوا: لماذا ندخل القضاء؟ فقلنا لهم لا مشلكة".
واضاف: "حصل نقاش وهجمة على فخامة رئيس الجمهورية لانه تحدث عن تعيينات من داخل الادارة، اود ان اوضح هنا انه ممنوع بالقانون ان نعين من خارج الادارة ما لا يتجاوز الثلث، وهناك ربما 19 شخصا عينوا من خارج الادارة فيبقى حوالي 7 اشخاص، وهناك اربعة منهم نالوا أحكاما (المديرون العامون الذين وضعوا في التصرف)، هذه الاحكام يريدون تنفيذها ام لا؟ يبقى اذا 3 من خارج الادارة، ونعطي مثلا المدير العام للاقتصاد الوطني الذي أقالوه من دون سبب، ولا اريد هنا ان يقولوا انني اتحدث شيعيا، فلنعطي مثلا آخر: محافظ الجنوب تقدم لهذا المنصب 20 او 30 شخصا وهذا المنصب لاخواننا الدروز، ومن الممكن ان يكون هناك ما يقارب العشرة اشخاص لديهم نبذات تؤهلهم لذلك، هذه اللجنة ترفع ترفع هذه النبذات بواسطة الوزير المختص وبموافقة وزير التنمية الادارية الى مجلس الوزراء وهو يختار شخصا واحدا من هؤلاء ونكون بذلك لم نعتد على صلاحيات مجلس الوزراء الدستورية، وفي الوقت نفسه، عينت لجنة حتى تؤازره. بالامس في مجلس النواب، بمحرد ان منحت الكلام بان نتقي واحدا منهم قلت ان اختيار مجلس الوزراء سيترك له في هذا الموضوع مئة في المئة. لماذا؟ اولا بسبب الدستور وثانيا لان هناك ملاءمة. يمكن ان يقول مجلس الوزراء أريد أن أختار امرأة ويمكن ان يرى ان الكثيرين جاؤوا من منطقة الجنوب، فيقول من ضمن الشيعي نريد انصاف البقاع والضاحية. هذه هي الملاءمة التي قصدتها، هذا موقفنا واذا حصل التصويت في مجلس الوزراء نريد ان نصوت هكذا على اساس ان يوجد شفافية. هذا الكلام ليس جديدا ولطالما كان لي الموقف نفسه. اذا كانوا جميعهم لا يريدون فأنا حاضر، من يحضر السوق "يبيع ويشتري"، هذا الكلام حصل بيني وبين الرئيس الحريري والرئيس الهراوي منذ اليوم الاول، وما زلت على الموقف نفسه ولم أغير شيئا. من يحب الوقوف معي اهلا وسهلا ومن لا يحب، حليفا كان أم غير حليف فهو حر. الموضوع منته.
أما بالنسبة الى الغاء الطائفية فأنا لم أعاتب. كل ما هنالك ان الرئيس ميشال عون اتخذ اول موقف وحصلت بعد ذلك جلسة المناقشة العامة في مجلس النواب، وقال العماد عون: "لو كانت الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية هي لاجل الاعداد فانا اول واحد معها". وعندما انتهى من كلامه قلت له انها من اجل الاعداد لذلك، فاستغربت ان يتخذ مرة ثانية الموقف نفسه. هو حر بموقفه. وانا رأيت اناسا كانوا دائما مع الطائف وعملوا لاجله ووافقوا عليه ولولاهم لما كان الطائف، ثم انقلبوا عليه في هذا الموضوع، لذلك ليس كثيرا أن يحصل هذا على من لم يكونوا مع الطائف في الاصل".
سئل: هل ثمة توجه لفتح دورة استثنائية للمجلس؟ اجاب: "الدورة الاستثنائية مفتوحة. منذ اليوم الاول الذي انتهت فيه الدورة العادية صدر مرسوم موقع من رئيسي الجمهورية والحكومة بفتح دورة استثنائية، وإلا فكيف تعقد اللجان؟".
وردا على سؤال قال الرئيس بري: "التوطين موجود في مقدمة الدستور، ومقدمة الدستور هي الميثاق الجديد للبنان وهي أقوى من أي نص على الاطلاق. هناك فقرة تقول لا توطين ولا تقسيم ولا تجزئة، وهي موجودة في مقدمة الدستور. في السابق حصل اقتراح ضمن هيئة الحوار انه لماذا لا يقدم قانون حتى لا يحصل توطين في لبنان الا باجماع مجلس النواب؟ فرفعت يدي وعارضت. قد يأتي يوم ويضغط فيه على لبنان وعلى مجلس النواب كما حصل مرات ويصوت بالاجماع، أما الميثاق فلا أحد يستطيع أن يلغيه. قلت لهم ان وروده في الميثاق أقوى ووافقت معي هيئة الحوار ضد الرأي القائل آنذاك بأن نضع قانونا بهذا الموضوع ونعتبر انه في حاجة الى إجماع. الشخص نفسه الذي تقدم بهذا الاقتراح هو الذي أنكر موقفه بالنسبة للهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية".
واستقبل الرئيس بري وفد "الجماعة الاسلامية" برئاسة الامين العام لـ"الجماعة" ابراهيم المصري ورئيس المكتب السياسي عزام الايوبي والنائب عماد الحوت.
بعد اللقاء قال المصري: "الزيارة لدولة الرئيس بري من قبل القيادة المنتخبة للجماعة الاسلامية برئاسة الامين العام، وكان بحث في الشؤون اللبنانية ككل، وقد عبر الوفد لدولة الرئيس عن التضامن مع طرحه لتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية لكون هذا المطلب ملحا ومزمنا لجميع اللبنانيين، وهذا الملف لا يشكل أي عبء على اي فريق لبناني، وانما هو الطريق الاساسي والمبدئي من أجل السلوك الى موضوع الغاء الطائفية السياسية التي ينادى بها جميع اللبنانيين. وكانت هناك جولة افق على كل الملفات اللبنانية الساخنة من ملف الانتخابات البلدية الى موضوع التعيينات، وكانت وجهات النظر شبه متطابقة حول كل هذه الملفات".
الجمهورية اللبنانية















