كلمة دولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بّري رئيس الاتحاد البرلماني العربي فــي الجلسة الافتتاحية للبرلمان العربي

القاهرة 27/12/2005


 

سيادة الرئيس محمد حسني مبارك المحترم رئيس جمهورية مصر العربية راعي الاجتماع الأول للبرلمان العربي

سيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقه المحترم رئيس القمة العربية

سيادة الرئيس بشار الأسد المحترم رئيس الجمهورية العربية السورية البلـد المضيـف للمقر الدائم للاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي

معالي الأستاذ عمرو موسى المحترم الأمين العام لجامعة الدول العربية

إخواني الأعزاء رؤساء المجالس النيابية والشورية العربية

الزملاء البرلمانيون

الحضور الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بداية بإسمي وبإسم الاتحاد البرلماني العربي، أتوجه بالشكر إلى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية على رعايته السامية للاجتماع الأول للبرلمان العربي.

 

كما اشكر صاحبي السيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقه والرئيس الدكتور بشار الأسد على المشاركة في هذا اللقاء البرلماني، الذي شرعته القمة العربية في الجزائر بالموافقة على إنشاء البرلمان العربي.

 

واشكر لمعالي الأستاذ عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، جهوده الملموسة من اجل إنشاء البرلمان العربي، وفي مرحلة سابقة لقمة الجزائر رعايته للقاءات التي توجت بصياغة النظام الأساسي لهذا البرلمان الانتقالي.

 

وأود بداية التعبير عن سروري وفرحي الكبير، لأنني استطعت الوفاء بوعدي إنجاز مشروع إطلاق البرلمان العربي خلال ولايتي لرئاسة الاتحاد البرلماني العربي، وكذلك التحضير لإطلاق مناقصة بشأن بناء مركز للاتحاد وللبرلمان العربي في دمشق عاصمة الجمهورية العربية السورية، على قطعة ارض كان سيادة الرئيس حافظ الأسد رحمه الله قد منحها لهذه الغاية.

 

فخامة الرئيس مبارك

أصحاب السيادة والدولة والمعالي والسعادة

الزملاء البرلمانيون

 

ينعقد الاجتماع الأول لهذا البرلمان الانتقالي في لحظة سياسية دقيقة تزداد خلالها التدخلات الدولية في شؤوننا القطرية والمشتركة، حتى نكاد نشعر بالاختناق من الضغوط الممارسة على الحياة السياسية اليومية لبلادنا.

وانطلاقاً من أننا نجتمع تحت قبة جامعة الدول العربية وتحت عنوان البرلمان العربي، اسحموا لي أن أتخطى ضرورة الحكام والحكومات، وان أقول بصراحة البرلماني ان قناعتنا تزداد يوماً بعد يوم بأننا نواجه مشروعاً كبيراً على مساحة الشرق الأوسط الكبير للسيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية، وان هذا المشروع يموه نياته تلك بالدعوة إلى تطوير النظام العربي، والى الحكم الصالح والى جعل الديموقراطية نهج حياة.

 

أقول ذلك لأننا أمام أنموذجين، الأول يقع تحت الاحتلال الاميركي المباشر واقصد العراق الشقيق حيث جرت الانتخابات العامة الأخيرة، والتي من المؤكد أن حسابات الحقل فيها سوف لن تطابق حسابات البيدر الاميركي، مما يعني أن العراق سيشهد للأسف جملة متنوعة من الضغوط والإرهاب الدولي لرفضه التلاؤم وإنتاج نظامه السياسي، والاستفادة من فرصة الديموقراطية الاميركية لخلق أنموذج اميركي في العراق لأنظمة المنطقة.

 

الأنموذج الثاني في فلسطين، حيث تقع مناطق السلطة الفلسطينية تحت ضغط ظل التدخلات الغربية التي تريد إقصاء فصائل فلسطينية عن المشاركة في الانتخابات، وحرمان مجموعات بشرية فلسطينية من حقها الإنساني الأساس في المشاركة في كل ما يصنع حياة المجتمع والسلطة في بلادها.

 

إن هذا الأمر يستدعي التأكيد من على هذا المنبر العربي ومن مصر أم الدنيا والقاهرة عاصمة العروبة، إن الديموقراطية تكون صناعة وطنية أو لا تكون، وتكون صناعة عربية أو لا تكون.

 

لقد تابعت شخصياً الحملة التي سبقت ورافقت وتلت الانتخابات المصرية لمجلس الشعب، ولمست حجم الإيحاءات والتدخلات والضغوط المتواصلة على مصر، وهذه الحملة هي حلقة في سلسلة تتناوب على الأقطار الإسلامية والعربية ضمن جغرافيا مشروع الأوسط الكبير.

 

إن هذا الأمر يستدعينا لمطالبة سلطة القرار العربي بإتاحة المزيد من الفرص من اجل مشاركة المواطنين في كل ما يصنع حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأقطار العربية.

 

وأناشد سلطة القرار العربي أن ترفع يدها عن ادوار برلماناتها، وان توقف سياسة تهميش برلماناتها، بل وأدعو سلطة القرار العربي نفسها إلى زيادة مساحة الديموقراطية داخل أقطارنا، والى جعل التربية على الديموقراطية اساساً في النظام التربوي.

 

إن سيادة الرئيس مبارك وأخي الدكتور احمد فتحي سرور وصديقي عمرو موسى، يعرفون أرائي التي سبق أن طرحتها في القاهرة ذات يوم عندما اجتمعنا لنلبي دعوة سيادة الرئيس مبارك في مساهمة البرلمانات في العمل لإطلاق مشروع السوق العربية المشتركة، حيث قلت يومها :

إن تعطيل تنفيذ القرارات العربية هو مسؤولية سلطة القرار السياسي العربي.

 

وقلت ان جامعة الدول العربية ومجالسها المتنوعة الاختصاصات قد شخصت مع خبراء وباحثين مختلف المشكلات العربية، وهي وضعت حلولاً موثوقة، ولكن يبقى الآمر بيد سلطة القرار في النظام العربي.

 

في ذلك الاجتماع الشهير ربما توصلت إلى الخلاصة التي تكمن فيها المشكلة ويكمن فيها الحل، فقد قلت انه لو بادر النظام العربي إلى صرف عشرة بالمئة من الأموال التي خصصت لشراء الأسلحة على تعزيز الديموقراطية، لكانت هذه الديموقراطية تحمي اليوم النظام العربي اكثر من السلاح الذي يسقط ليس في منتصف المعركة أو آخرها وتنما قبل أن تبدأ.

 

فخامة الرئيس مبارك

أصحاب السيادة والدولة والمعالي والسعادة

الزملاء البرلمانيون

 

اسمحوا لي أن استغل فرصة هذا اللقاء بوجود هذه التظاهرة الرسمية والبرلمانية العربية، لادعوكم إلى التأكيد أن لبنان يشكل ضرورة عربية كما هو ضرورة لأبنائه المقيمين والمغتربين.

 

إنني إذ اشكر الدور المبادر والأبوي لسيادة الرئيس مبارك وللمسوؤلين في جمهورية مصر العربية، وكذلك الأدوار الهامة والمحبة والأخوية لكافة الأقطار العربية، فإنني أوجه عنايتكم إلى أن المؤامرة التي تضغط على لبنان والتي تحاول الضغط على سوريا عبر لبنان، لا يمكن للبنـان ان يواجهها وحده بوجود رياح استراتيجية "الفوضى الخلاقة"، التي تحاول زيادة التوترات السياسية والطائفية والمذهبية في بلدنا، والتي تحاول رفع الغطاء الدولي وشبكة الأمان العربية من فوق سماء بلدنا لجعله مجدداً حقلاً لتجارب وحروب وعدوانية إسرائيل.

 

إنني يا سيادة الرئيس ويا أيها الإخوة الأعزاء أصحاب السيادة والدولة والمعالي والسعادة، أقول لكم بكل صراحة انه كلما حدثت انتكاسة على الساحة الفلسطينية أو العراقية للخطط والمشاريع المرسومة فإن لبنان يخضع لتجربة تزلزل كيانه.

 

إننا وبكل صراحة لن نقبل بأن يكون مكسر عصا لمشاريع التوطين أو إخضاع السلاح الفلسطيني أو تجريد مقاومتنا من سلاحها.

 

كما اننا في لبنان وخارج مطالبتنا بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فإنه من حقنا أن نطالب بضمانات لمنع إسرائيل من التهديد باللجوء إلى القوة أو استخدام القوة ضد بلدنا.

 

إننا ومنذ الرابع والعشرين من أيار عام 2000 اندحرت القوات الإسرائيلية عن معظم أرضنا بفعل مقاومة وتضحيات شعبنا، ورغم المزاعم الإسرائيلية بتطبيق القرار الدولي رقم 425 فإنه لم يمض يوم واحد دون أن يسجل المراقبون الدوليون لخط الهدنة وقوات اليونيفل خرقاً إسرائيلياً عسكرياً لحدودنا البرية أو لحرمة أجوائنا أو لمياهنا الإقليمية.

 

إن لبنان لا يملك جيشاً جراراً ولا منظومة أسلحة موازية لسلاح العدوان، ولا يمكن لجيشه أن يكون حارس حدود لعدونا، ولذلك ارتضينا ان تكون مقاومتنا بغياب الضمانات الدولية هي ضمانتنا وضمان سيادتنا الوطنية.

 

سيادة الرئيس مبارك

أصحاب السيادة والمعالي والسعادة

الزملاء الأعزاء

 

إنني أتمنى واطلب دعم مؤسسات الرأي العام الإعلامية والثقافية، من اجل دعم تمكين هذا البرلمان الانتقالي من لعب دوره إلى جانب مؤسسات جامعة الدول العربية في :

 

أولاً: تطوير العمل العربي المشترك ومنظومته، عبر دبلوماسية برلمانية نشطة تقنع مراكز القرار العربي بالمصلحة المشتركة للأقطار العربية وشعوبها في إيجاد تشريعات مشتركة، ووضع مراسيم تطبيقيه لهذه التشريعات بدءاً بالسوق العربية المشتركة.

 

ثانياً: في ان يتشكل كمؤسسة تجتمع وتمارس أدوارها وفق الصيغ البرلمانية الأكثر تطوراً.

 

ثالثاً: في أن يمارس البرلمان العربي دوره الرقابي على مؤسسات الجامعة إلى جانب دوره التشريعي، وبمعنى أوضح أن لا يكون مؤسسة تحت الرقابة وتحت الحصار أو مؤسسة مهمشة، بل مؤسسة تسهم بحق في أقامة نظام عربي يحقق أماني الأمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية واحترام القانون وتعزيز حقوق الإنسان.

 

رابعاً: أن يبدأ هذا البرلمان منذ انعقاده في الدورة الأولى وبعد إقرار نظامه الداخلي، في مناقشة مشاريع الاتفاقيات الجماعية بين الدول العربية وتشريعها.

 

خامساً: إنني إذ أتمنى أن لا يزيد هذا البرلمان مؤسسة عربية بالشكل، أناشد بإسمي وبإسم الاتحاد البرلماني العربي سلطة القرار العربي متمثلة بالقمة العربية، إفساح المجال أمامه لوضع نظامه ولوائحه الداخلية والأساسية بما يسمح له بأن يكون برلماناً فاعلاً وليس مجرد منبر وعنوان لتشريع مسائل ثانوية.

 

إنني ابدأ بطلب منح أعضاء هذا البرلمان العربي حصانة برلمانية على مساحة الوطن العربي، لإعطائهم دفعاً معنوياً على مستوى دورهم التشريعي، وكذلك في إطلاق دبلوماسية برلمانية لاستعادة الروابط وتقوية نسيج العلاقات العربية–العربية رسمياً وشعبياً.

 

في الختام بإسمي وبإسم الاتحاد البرلماني العربي اشكر للقادة العرب وفي الطليعة سيادة الرئيس محمد حسني مبارك اهتمامهم بإقرار صيغة البرلمان العربي خلال قمة الجزائر، مستفيداً من هذه الإشارة لأسال الله أن يمـن بالشفاء العاجل على سيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقه، ليعود غلى دوره الفاعل على مساحة الجزائر والأمة العربية مجدداً اشكر الأمين العام لجامعة الدول العربية الأستاذ عمرو موسى والعاملين في الأمانة العامة على جهودهم للمساهمة في انطلاق البرلمان العربي لما فيه خير الأمة وأقطارها وشعوبها.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.