باسم الاتحاد البرلماني العربي ومجلس النواب اللبناني أعلن افتتاح الندوة
البرلمانية العربية الثانية حول:
التشريعات المتعلقة بالإعاقة
وأرحب
بصفة خاصة بالمقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف شؤون المعوقين الشيخة حصة آل ثاني،
وممثّلي المكاتب الإقليمية لليونيسكو، ومنظمة العمل الدولية في العالم العربي
وممثلي الشُعب البرلمانية العربية التي لبّت دعوتنا إلى هذه الندوة، وممثلي
المنظمات العربية المعنية بالمعوقين والاتحاد اللبناني للمعوقين جسدياً، ومجلس
أوروبا المعني بشؤون المعوقين.
أرحب
بالجميع، مشاركين وشركاء أساسيين لمجلس النواب اللبناني والاتحاد البرلماني العربي
في تنظيم أعمال هذه الندوة البرلمانية العربية الثانية التي ستركز على :
تقديم القواعد الموحدة بشأن تحقيق فرص التكافؤ للأشخاص المعوقين، وكذلك على
حق التعليم في الاتفاقيات والعهود الدولية والمبادرات الدولية لتحقيق الحق في
التعلم والتكامل التربوي، ونماذج للتجارب الدولية في هذا المجال وعلى العمل
كحق إنساني للأشخاص المعوقين.
الحضور الكريم،
السيدات والسادة،
العمل
من اجل تحويل الإعاقة من حالة إلى حركة منتجة بل إذا صح القول : العمل لتحويل
الإعاقة إلى طاقة، مسألة تسكن معي في منزلي وتشاركني حياتي، وتشكل محور اهتمام شديد
لعائلتي ولزوجتي بشكل خاص.
وهذا
الشريك الأسري الذي تعبر عنه هذه المسألة، جعلني مشدوداً إلى كل ما يمكن أن يساهم
في إنتاج حياة المعوقين ايجابياً على المستويات المعنوية والأخلاقية والمادية،
وبصفة خاصة الحقوقية أو القانونية.
لقد
عَبّرنا تاريخياً عن هذا الاهتمام بمواجهة النتائج الكارثية للحرب الفتنة
ولاعتداءات إسرائيل على بلدنا وشعبنا، والتي كانت تخلف مئات الجرحى أغلبهم يصاب
بأعطال في أطرافه أو حواسه بنسبة عالية، فكان إنشاء الجمعية اللبنانية لرعاية
المعوقين، التي لزوجتي شرف تأسيسها وترؤسها، وقد تمكنت هذه الجمعية من إنشاء أهم
مركز أهلي لرعاية المعوقين في الشرق الأوسط على تلة من تلال الجنوب في أعالي
الصرفند، وهو مركز في تخطيط بنائه وتصميم مهامه وتنفيذه وفي أسرته الإدارية والطبية
والتقنية، استجاب للمتطلبات التي ينشدها المعوقون في إطار علاجهم وتعليمهم وزيادة
مهاراتهم.
لقد
اكتسبت من خلال التعايش مع هذه المسؤولية الأسرية عن رعاية المعوقين الكثير من
الخبرة والمعرفة التي رتبت مسؤوليات مستمرة، وكانت هي الحاضر من اجل جعل هذه
المسألة قضية برلمانية محلية وعربية، حيث تم إقرار تشكيل لجنة خاصة في إطار الاتحاد
البرلماني العربي لإنتاج واقتراح التشريعات المتعلقة بالإعاقة على المستويين القطري
والعربي العام.
إن
هذه اللجنة ستباشر عملها بعد الاجتماع القادم لمجلس ومؤتمر الاتحاد البرلماني
العربي الذي سيعطي المشروعية لتأسيس ولإطلاق فعاليات وأنشطة هذه اللجنة.
الحضور الكريم،
إنني
انطلاقاً من المجلس النيابي الكريم أطلب إلى لجان: حقوق الإنسان والمرأة والطفل،
والتربية النيابية دراسة القواعد المعيارية بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص من دول
الإعاقة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ دزينة من السنوات، ورؤية مدى
التقدم الذي أحرزه لبنان باتجاه تشريع تلك القواعد والالتزام بها.
إلا
أن الأمر الذي يجب أن يكون واضحاً، هو أن إقرار المجالس النيابية للتشريعات اللازمة
ليس كافياً، فالمطلوب نشر وعي حول حقوق المعوقين والتأكيد أن هؤلاء لا يشـكلون
مشـكلة أو عبئاً على أسرهم، وانه
يجب
أن لا يتم نبذهم أو التعامل معهم بشفقة، وإفقادهم عنصر الثقة اللازم لهم والذي يعني
اكتسابه بالنسبة لهم استعدادهم للنهوض بمسؤولياتهم كقوة مشاركة في كل ما ينتج حياة
المجتمع والدولة.
إن
نشر الوعي حول قضايا الإعاقة أو العجز يجب أن يبدأ بالتركيز ان وجه الإعاقة أو
العجز يعني تقصيراً وظيفياً لطرق أو حاسة أو جهة تخص المعوق، وان هذا الأمر لا يعني
ان المصاب بات عاجزاً كلياً عن المشاركة في الحياة العملية وانه بات عبئاً على
الآخرين.
انه
ليس من حق أي فرد أو جهة أو جماعة أو فئة أو سلطة إقصاء المواطن لمجرد انه معوق، بل
ان من واجب الأفراد الذين يمثلون عائلة المعوق ومن واجب الجهات والجماعات والفئات
وصولاً إلى الدولة :
1-
الاعتراف أن فقدان قدرة المواطن أو بعضها على اغتنام فرص المشاركة في حياة المجتمع،
تتطلب من الآخرين الإيفاء بالتزاماتهم تجاه المعوقين في مجالات العلاج وإعادة
التأهيل والتعليم وعالم العمل والإنتاج.
2-
الإقرار
بالقواعد المعيارية بشأن تحقيق الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة، ارتكازاً على ان الأشخاص
ذوي الإعاقات أعضاء في المجتمع ولهم حق العيش ضمن مجتمعاتهم المحلية، وينبغي أن
يتلقوا الدعم من مؤسسات التعليم والصحة والعمل والخدمات الاجتماعية.
3-
ان
المعوقين عليهم نفس الالتزامات والواجبات تجاه المجتمع، كما ان لهم نفس الحقوق، مع
الإشارة إلى أن من حقهم على مجتمعاتهم المزيد من الدفع المعنوي والفرص.
إنني
باسم المجلس النيابي أؤكد على العمل مع المجموعات البرلمانية لتأسيس قناعة بإبراز
الجوانب الأساسية للسياسات الاجتماعية في مجال الإعاقة، والعمل على المستويين
التشريعي والحكومي من اجل إصدار القوانين اللازمة والقرارات السياسية اللازمة
لتحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة.
إنني
في الوقت نفسه أدعو :
أ
ـ
مؤسسات الرأي العام الإعلامية
المكتوبة والمرئية والمسموعة إلى تحمل مسؤولياتها في نشر وعي حول قضايا المعوقين،
وان ترفع مستوى الوعي لحقوقهم وامكاناتهم وان تنشر المعلومات المحدثة عن البرامج
والخدمات التي يمكنهم الحصول عليها.
ب
ـ
المؤسسات التربوية إلى منح فرص متساوية للمعوقين للحصول على التعليم في جميع
المراحل ضمن اطر مدمجة، وان نسعى جميعاً لإقرار ان يكون تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة
جزءاً لا يتجزأ من نظام التعليم، وكذلك إدخال لغة الإشارة وسائر خدمات الدعم
الملائمة للمعوقين ضمن مناهج التعليم.
في
هذا المجال أدعو المؤسسات التربوية إلى التركيز بصفة خاصة على الأطفال المعوقين
وعلى الكبار المعوقين ولاسيما النساء.
ج
ـ
المؤسسات الصحية إلى تقديم الرعاية الطبية الفعالة استناداً إلى الدعم
الرسمي والكفالة الرسمية لحصول الأشخاص من ذوي الإعاقة ولاسيما الرضع والأطفال على
رعاية طبية على نفس السوية التي يحصل عليها سائر أفراد المجتمع.
وفي
نفس المجال لا بد ان تكفل الدول توفير خدمات إعادة التأهيل للمعوقين، إضافة إلى
برامج للاعتماد على الذات وخدمات في بعض المجالات كالتقييم والإرشاد عند الحاجة.
إنني
من جهتي ومن موقع مسؤوليتي البرلمانية العربية والإسلامية والمحلية، ومن موقعي
كمحام وكرئيس لحركة سياسية، أؤكد أنني سأعمل وسأضغط في مختلف المجالات السياسية
والاجتماعية والبرلمانية، من اجل قيام الدولة في لبنان ومن اجل أن يتبنى النظام
العربي استحداث وتوفير خدمات الدعم للأشخاص ذوي الإعاقة بما في ذلك المعينات
والمعدات، لكي يتسنى لهم رفع استقلالهم في حياتهم اليومية.
إنني
كذلك أؤكد إنني سأعمل من اجل أن تعترف الدولة بالمبدأ الذي يوجب منح الأشخاص ذوي
الإعاقات ما لهم من حقوق وخصوصاً في ميدان العمل كقوة إنتاج، بما يعني إتاحة الدولة
وكذلك القطاع الخاص كل الفرص لمشاركة الأشخاص وذوي الإعاقة فـي سـوق التوظيف، (رغم
أن الحكومة تبدو عاقراً وغير قادرة على توليد فرص للعمل للذين هم في " صحة
السلامة").
إنني
سأعمل وأجزم ان جميع البرلمانيين اللبنانيين والعرب يساندونني في هذا التحرك من اجل
توفير الضمان الصحي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة.
إننا
لن نكتفي بذلك، بل إننا سنسعى لكي تشمل نظم الضمان الاجتماعي حوافز لمساعدة الأشخاص
ذوي الإعاقة على استعادة قدرتهم على الكسب، وينبغي لهذه النظم أن توفر التدريب
المهني وان تساعد في مجال خدمات التعيين.
يبقى
أخيراً أن أوجه عناية الجميع إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقات هم في أغلبيتهم يملكون
قدرات ابداعية وفنية وفكرية، وهذا الأمر يستدعي من وزارة الثقافة كما من مؤسسات
الرأي العام الثقافية العمل لتطوير القدرات الإبداعية للأشخاص ذوي الإعاقات وتطوير
معارفهم وثقافتهم.
الحضور الكريم،
لقد
أطلت عليكم ولكنني قلت لكم ان هذه القضية تسكن معي في منزلي وفي وجداني وتلح عليّ
دائماً باتخاذ المبادرات وصولاً إلى انعقاد هذا المؤتمر او هذا الاجتماع التوجيهي،
الذي كان للشيخة حصة آل ثاني مقرر الأمم المتحدة الخاص المكلف شؤون المعوقين الفضل
في العمل لانعقاده، كما كان للإدارة البرلمانية وللاتحاد اللبناني للمعوقين جسدياً
الفعل في اتخاذ الخطوات التنظيمية.
إنني
مجدداً باسمي وباسم الاتحاد البرلماني العربي ومجلس النواب اللبناني أتمنى لهذا
المؤتمر النجاح، لما فيه خير شريحة واسعة من المواطنين على مساحة العالم العربي
عامة وعلى مساحة لبنان.
أخيراً، إنني مع علمي الأكيد أن المؤتمر والجهات المشاركة في إعداده لا ترمي إلى
التعاطي في مسائل النزاعات الدولية أو الإقليمية حول المياه إلاّ أنني يجب أن أجدد
التأكيد أن لبنان لن يفرط بنقطة ماء واحدة من ثروته الطبيعية ومن حقوقه المائية
وهذا الأمر يجب أن يكون معلوماً الآن وفي المستقبل وعند رسم السياسات الإقليمية.
إننا
في الاتحاد البرلماني العربي وفي مجلس النواب اللبناني نؤكد أننا سنمضي قدماً في
تعاوننا مع الاتحاد البرلماني الدولي ومع معهد الغمم المتحدة للتدريب والبحوث من
اجل بناء دور البرلمانات العربية بما يخدم التنمية المستدامة في أقطارها وفي
المنطقة.
إنني
وبإسم مجلس النواب اللبناني ومن اجل تسهيل العلاقة مع الاتحاد البرلماني العربي ومع
المجالس النيابية والشورية العربية أدعو إدارة معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث
إلى فتح مكتب لها في بيروت يكون قاعدة للمعلومات في موضوع إدارة المياه ويهتم
بإعداد الموظفين المختصين وتدريبهم.
إني
أؤكد أن الحكومة اللبنانية ستقدم كل التسهيلات المطلوبة لافتتاح مثل هذا المكتب
وتؤمن له عوامل النجاح في مهماته.
عشتــــــم
عاش
لبنــــان