أيهـا
الأصدقـاء،
أشكر
لكم حضوركم هذا العشاء وسأحاول كسب القليل من الوقت لوضعكم في صورة المشهد
اللبناني.
في كل
مرة يتعرض فيها لبنان لكارثة، فإنه ينهض كطائر الفينيق ويعود ليحلق بجناحيه المقيم
والمغترب.
بداية
أذكركم أن لبنان استطاع النهوض رغم النتائج الكوارثية لاجتياح الجيش الإسرائيلي
لبلدنا في آذار 1978 وصيف العام 1982، ورغم الحرب الداخلية التي استمرت سبعة عشر
عاماً.
اليوم، ورغم ما يمكن أن يتخيل للجميع من مظاهر التأزم والتوتر فإن لبنان سيتمكن من
النهوض.
إني
أؤكد لكم :
1)
إن كل اللبنانيين وكل العرب وفي الطليعة سورية يريدون معرفة الحقيقة فيما يختص
بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري
وبتهديد النظام العام في لبنان عبر عمليات الإرباك الأمني المستمرة.
إننا
نؤكد أن الحقيقة بكل أبعادها ستكون جامعاً مشتركاً للبنانيين وستعيد إنتاج علاقات
لبنان العربية خصوصاً العلاقات اللبنانية السورية على أفضل مما كانت عليه، ذلك لأن
المجتمع يريد معاقبة المحرضين والمخططين والمنفذين والمتواطئين والمقصرين.
إن من
المهم بالنسبة لنا كذلك ان الحقيقة أصبحت ثقافة في لبنان سواء في البحث عن جذور
الجريمة المنظمة أو في البحث عن التعسف أو إساءة استعمال السلطة او الارتكابات
والفساد وهذا الأمر سيمكن لبنان من إصلاح نفسه.
2)
إن
لبنان يؤكد حرصه على تنمية دوره في نظامه العربي وفي نظامه المتوسطي وسعيه لتحقيق
السوق العربية المشتركة كونها تمثل
مصلحة عليا عربية مشتركة وكذلك سعيه لتحقيق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
إن
لبنان الذي يسعى لتجاوز ما يعانيه من مشكلات اجتماعيـة واقتصادية نتجت عن عدم
الالتـزام المتنـوّع المصادر بإنشاء الصندوق العربي والدولي لمساعدته وفقاً لما نصّ
عليه اتفـاق الطائف وتركـه لينجـز عملية نهوضه معتمداً بشكل أساسي على نفسه وعلى
الاستدانة ـ ان بلدنا ـ رغم الضغوط والتحديات التي يواجهها سيثبت انه يستحق ان يكون
سويسرا الشرق.
3)
ان
لبنان يؤكد حقه في استكمال تحرير أرضه التي تحتلها إسرائيل وفي الطليعة مزارع شبعا
وتلال كفرشوبا.
كما
أن لبنان يرى أن المقاومة تشكل ضرورة لبنانية وطنية طالما بقي الاحتلال والأطماع
والخروقات الجوية والبحرية وكذلك الخروقات البرية المتمثلة بحقول الألغام وطالما
استمرت إسرائيل في اعتقال عدد من المجاهدين اللبنانيين وكذلك في إخفاء مصير العشرات
بل المئات.
إن من
حق لبنان المطالبة بالتعويضات جراء حروب إسرائيل على أرضه وما ألحقته بوطننا من موت
وخراب وتنكيل وتدمير وإبعاد وما خلفته من مجازر ومن بصمات دموية سوداء على مختلف
نواحي الحياة في لبنان.
إن
لبنان ورغم الجريمة الزلزال التي استهدفته عبر اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق
الحريري وعبر أبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية، إن لبنان المصمم على الحفاظ
على وجوده كضرورة لبنانية لأبنائه المقيمين كما المنتشرين والذين يبلغون ثلاثة أو
أربعة أضعاف لبنان المقيم والحفاظ على وجوده كضرورة عربية ودولية، ان لبنان استطاع
إنجاز انتخاباته النيابية وتشكيل الحكومة الحالية. والمجلس والحكومة يتحملان
مسؤوليتهما تجاه الحفاظ على الاستقرار النقدي وإنتاج موازنة الدولة وإعادة تصميم
مهام الإدارة وإنتاج مسؤوليات الأجهزة الأمنية لتكون عيناً حارسة للمواطن لا عيناً
عليه.
إنني
أؤكد لكم أننا نتجه يوماً بعد يوم لتشكيل رأي عام ضاغط يُسهم في الانتقال بلبنان من
مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة عبر ترسيخ النظام البرلماني الديموقراطي، وعبر تعزيز
الرقابة البرلمانية، وكذلك أجهزة الرقابة الحكومية توصلاً إلى جعل الشفافية والحكم
الصالح عنواناً للبنان.
إننا
في هذا الإطار وعلى المستوى البرلماني تمكنا من صياغة العديد من الاتفاقيات مع
مجالس نيابية صديقة في أوروبا بينها مجلس الشيوخ الفرنسي ومجلس النواب البلجيكي وفي
القريب العاجل مجلس النواب الإيطالي من اجل تطوير الإدارة البرلمانيـة وآليـات صنـع
القوانيـن
وتحديث القوانين، كما اننا نقيم مشاريع مشتركة مع برنامج الأمم المتحدة الإقليمي
ومع مراكز تشريعية في الولايات المتحدة الاميركية وكندا ونتبادل الخبرات مع مجالس
نيابية عربية، ونعتقد بل نجزم بأن مجلس النواب اللبناني وإدارته البرلمانية أصبحا
أنموذجاً هاماً للتعبير الديموقراطي في مختلف المجالات.
على
المستوى الحكومي فإن وزارة الإصلاح الإداري في لبنان أطلقت برنامجاً حيوياً لتطوير
الإدارة وبناء علاقتها بالتكنولوجيا وربط مراكزها وإعادة صياغة الدور الوظيفي لها
بشكل عصري.
إننا
بالمقابل نعاني الكثير من المشاكل التي تتطلب خبرة الأصدقاء لمواجهة برامج الخصخصة
وخطايا الخصخصة.
كما
إننا نعاني من مشاكل البطالة حيث أن آلاف الخريجين يبحثون عن فرص العمل.
إن
هناك مشكلات بيئية ومشكلات في المجال الزراعي ومجال توزيع الثروة المائية وفي إنشاء
شبكات الأمان الصحية وزيادة الإئتمانات وفي صناعة التربية وأدوارها ومناهجها.
إن كل
تلك المشكلات تحتاج إلى خبرات ودعم أشقائنا وأصدقائنا ونحن متأكدون أنكم ستنقلون
هذه الصورة الى بلدانكم من اجل إنتاج علاقاتنا بما يخدم المصالح المشتركة لبلدانكم
وللبنان.
عشتــــــم
عاش لبنـــان