افتتح رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي في
العاشرة والنصف من صباح الأثنين 21/ 1 /2002 في القاعة العامة للمجلس النيابي ندوة
إزالة الألغام في جنوب لبنان التي أعدها مجلس النواب بالتعاون مع برنامج الأمم
المتحدة الإنمائي في لبنان. حضرها وزراء الدفاع والشؤون الاجتماعية والبيئة السادة
:
خليل الهراوي، أسعد دياب،وميشال موسى كما حضر حشد
كبير من النواب وأعضاء السلك الدبلوماسي في لبنان يمثلون 15 بلداً وممثل عن الإتحاد
الأوروبي وممثلون عن الهيئات الدولية والأهلية اللبنانية ورؤساء البلديات في القرى
المحررة من الجنوب.
كما حضر المنسق المقيم للأمم المتحدة وممثل برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان إيف دوسان والممثل الشخصي للأمين العام للأمم
المتحدة في جنوب لبنان ستيفان دي ميستورا.
جلسة الافتتاح:
تكلم في جلسة الافتتاح الى جانب الرئيس برّي كل من :
وزير الدفاع خليل الهراوي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة محمد حمد عمران،
المنسق المقيم للأمم المتحدة وممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان السيد
إيف دوسان والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب لبنان ستيفان دي
ميستورا.
افتتح راعي الندوة رئيس مجلس
النواب الأستاذ نبيه برّي جلسة الافتتاح بكلمة رحب فيها بالمشاركين، وهنا نص الكلمة
:
بسمه تعالى
بداية باسمي وباسم مجلس النواب اللبناني، ارحب
بالمشاركين في اعمال هذا اللقاء اصحاب المعالي الوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية
المعنية بقضية ازالـة الالغام من لبنان، وبوجه اخص سعادة سفير الامارات العربية
المتحدة في لبنان، ورؤساء مكاتب منظمات الامم المتحدة العاملة في لبنان، وعلى وجه
الخصوص ممثل الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوميستورا، وبالممثل المقيم لبرنامج
الامم المتحدة الانمائي في لبنان السفير ايف دوسان.
كما ارحب بممثلي المكتب الوطني لازالة الالغام،
وممثلي الادارات الرسمية ومحافظي الجنوب والنبطية وقائم مقامي ورؤساء بلديات
المنطقة المحررة، وممثلي المؤسسات الجامعية ومندوبي وسائل الاعلام المكتوبة
والمرئية والمسموعة.
أيها السادة،
نلتقي اليوم حول عنوان ازالة الالغام من جنوب لبنان،
وهو عنوان شائك وملح ومطروح كقضية وطنية لبنانية عاجلة، اولاً على وزارة الدفاع
والجيش اللبناني، وثانياً على الامم المتحدة ومنظماتها وقواتها العاملة في جنوب
لبنان وعلى الدول الشقيقة والصديقة، وعلى كل من هو معني باستقرار الاراضي
والمواطنين اللبنانيين وسلامتهم، وكذلك السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط.
ورغم ان الموضوع من الوجهة العملانية والتقنية ليس
من اختصاص المشرعين او الدبلوماسيين او الادارات الرسمية او البلديات، الا انه قضية
انسانية ملحة وعاجلة بالنسبة للدولة والمواطن في لبنان، لانه يرتبط بازالة الاثار
الدامية للاحتلال الاسرائيلي لاجزاء عزيزة من ارضنا.
ولكن اسمحوا لي، وحتى لا تختلط الامور على احد
ويعتبر اننا نعالج احد العناوين المرتبطة بإزالة الاحتلال، مما يعني ان تحرير
الاراضي اللبنانية قد انجز، من التأكيد على اننا نرى :
اولاً : ان اسرائيل لاتزال تواصل احتلالها المباشر
لاجزاء عزيـزة من ارضنا، في طليعتها مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، واحتلالها غير
المباشر لمساحات من ارضنا تمثلها حقول الالغام الاسرائيلية، والتي تحول دون استثمار
هذه المساحات من قبل ملاكيها كما تحويلها الى مصائد وافخاخ للموت المحقق لكل من
يقترب منها .
ثانياً : ان اسرائيل تواصل اعتداءاتها على سيادة
لبنان عبر خرق مجاله الجوي ومياهه الاقليمية .
ثالثاً : ان اسرائيل تواصل اعتقال عدد من المواطنين
اللبنانيين وتتكتم حول مصير العدد الاخر .
رابعاً : ان الادبيات الاسرائيلية لاتزال تتضمن
اطماعاً اسرائيلية في المياه والاراضي اللبنانية .
خامساً : ان لبنان يؤكد اصراره على التعويض لخزينته
ولمواطنيه جراء حروب اسرائيل على ارضه واحتلالها وتخريبها وتدميرها للممتلكات
العامة والخاصة ومختلف انواع جرائمها .
كما انه لا بد من التأكيد على وجهة النظر اللبنانية
التي ترى ان مهمة قوات الطوارىء الدولية وفق القرارين 425 و 426 لم تتحقق في تأكيد
انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي اللبنانية دون قيد او شرط .
وبالعودة الى عنوان اللقاء، فإني اوجه عنايتكم الى
ان حقول الموت التي تمثلها الالغام التي زرعها الجيش الاسرائيلي، بالاضافة الى
القذائف والاجسام المفخخة التي اطلقها او القاها الجيش الاسرائيلي على الاراضي
اللبنانية، تعد استمراراً للعدوان الاسرائيلي على لبنان، وهو الامر الذي يرتب
مسؤولية قانونية واجرائية وعلاجية على المجتمع الدولي .
فزراعة الموت الاسرائيلية المتمثلة بالالغام تشكل
خرقاً لـ:
1 - اتفاقية لاهاي لعام 1907 الخاصة بقوانين الحرب
البرية واعرافها .
2 - الاتفاقية المتعلقة بحظر او تقييد استعمال اسلحة
تقليدية معينة لعام 1980 مع البروتوكول الاول الخاص بشأن الشظايا التي لا يمكن
الكشف عنها لعام 1980، والبروتوكول الثاني المتعلق بحظر او تقييد استعمال الالغام
والاشراك الخداعية والانماط الاخرى بصيغته المعدلة لعام 1996 .
3 - اتفاقية اوتاوا لعام 1977 الخاصة بحظر استعمال
وتخزين وانتاج ونقل الالغام المضادة للافراد وتدمير تلك الالغام .
وفي كل الحالات، وازاء ما حققه الشعب اللبناني عبر وحدته الوطنية ومقاومته من تحرير
معظم اراضيه التي تحتلها اسرائيل، فإن مهمة عاجلة قد طرحت نفسها وهي ازالة اثار
الاحتلال عن تلك الاراضي .
لقد عرقل الجيش الاسرائيلي بعد انسحابه مهمة الدولة
اللبنانية لتنمية المناطق الحدودية عبر رفض تسليم خرائط حقول الالغام الى قوات
اليونيفل، وادى ذلك الى تهديد دائم لحياة السكان وحال دون استثمارهم للممتلكاتهم .
لقد سبق للالغام وللافخاخ وللقنابل العنقودية
والمصائد والالعاب الاسرائيلية المفخخة، ان اوقعت ما يزيد عن الفي اصابة بين
المدنيين قبـل الاندحار الاسرائيلي في ايار( مايو ) عام 2000.
وهنا اريد ان الفت الانتباه، بعد الانسحاب
الاسرائيلي الحاصل في 24و25 آيار عام 2000 تقدمت الامم المتحدة بوثيقة رسمية للجميع
تعلن فيها ان هناك 130 الف لغم موجود على الاراضي اللبنانية . وتمنعت اسرائيل عن
تقديم الخرائط وتبين ما يلي : ان هناك اربعمئة الف لغم وفقاً للخرائط الاسرائيلية
بالاضافة الى المئة والثلاثين الف لغم أي ان المجموع هو 530 الف لغم موجود على
الاراضي اللبنانية بين وثيقة الامم المتحدة وبين الوثائق التي اتت من اسرائيل،
ثانياً حتى هذه الوثائق الاسرائيلية تبين ايضاً انها مغلوطة، يقال عن بعض الحقول
انها ملغمة فتبين العكس او يتبين انها توجد في اماكن اخرى .
لقد اودت نفس الاسلحة الاسرائيلية بعد اندحار الجيش
الاسرائيلي من المنطقة المحررة بحياة ستة عشر مدنياً اضافة الى اصابة مئة مدني
بجراح بليغة، اقلها اعطال شبه دائمة بأطرافهم او حواسهم، ناهيك عن الالغام التي
انفجرت بوسائط النقل والجرارات الزراعية .
ان سبعين بالمئة من ضحايا حقول الموت والمصائد
الاسرائيلية هم من ارباب العائلات والباقين من الاطفال والشباب .
ان المؤسسات العاملة في تعزيز الوقاية من مخاطر
الالغام في لبنان، تؤكد ان المناطق الموبوءة بالالغام هي احد الاسباب الرئيسية
لنزوح عدد كبير من السكان، ولتقليص فرص العمل في السماحات الصالحة للزراعة وفي
الاستثمار على الاراضي.
لقد تابع مجلس النواب هذه القضية بإهتمام، وقمت
شخصياً ولاازال بجهود في سبيل تسريع وتسهيل الانشطة الهادفة الى ازالة الالغام ودعم
جهود وزارة الدفاع الوطني والجيش والمكتب الوطني، وخلال لقاءاتي بالسادة السفراء
وممثلي الامم المتحدة المعنيين والوفود البرلمانية للدول الشقيقة والصديقة، وخلال
زياراتي الرسمية لعدد من البلدان، قمت بعرض المشكلة على اغلب المسؤولين، وفي هذا
الصدد لقيت استجابة وتعاطفاً خاصاً ومشكوراً من صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل
نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، الذي اعطى توجيهاته لتقديم مساهمة كبيرة
لتمويل عمليات ازالة الالغام، كما ان الادارات المختصة في مجلس النواب ساهمت في نشر
وعي حول هذه المشكلة وضحاياها عبر منشورات ومطبوعات خاصة.
لقد تابعت بإهتمام المبادرات الوطنية من جامعة
البلمند والصليب الاحمر اللبناني والمؤسسات الكشفية، الى جانب المكتب الوطني لازالة
الالغام في اطار الحملة للتوعية من مخاطر الالغام والاجسام المشبوهة.
وتابعت بإهتمام المبادرات التي انطلقت من قيادة
القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان لدعم جهود الجيش اللبناني، وكذلك مبادرات
الجيش العربي السوري الشقيق، والمبادرات التي اطلقتها دولة الامارت العربية المتحدة
وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وباكستان، وكذلك
مبادرات الدول الصديقة والمؤسسات المختصة فيها وفي الطليعة الولايات المتحدة
الاميركية وروسيا واليابان وكندا واوكرانيا وبولندا ودول الاتحاد الاوروبي
واستراليا .
وانني باسم المجلس النيابي اتوجه الى مختلف الدول
والجهات بالشكر الجزيل، آملاً ان تكون قد انجزت الخطط وتوفرت الامكانيات واستكملت
الاستعدادات لازالة هذه المشكلة، وتوفير جزء من معاناة الشعب اللبناني التي تسببت
اسرائيل بها ولاتزال، علماً ان دافعي لتوجيه الدعوة لهذا اللقاء في المجلس النيابي
هو تعزيز الجهود الايلة الى الانتهاء من هذه المشكلة، وايضاً توجيه الدول الشقيقة
والصديقة الى :
1 ـ المساهمة في اعادة اعمار وتنمية المناطق
الموبوءة والتي سيتم تحريرها او تنظيفها من الالغام من خلال دعم برامج التنمية
الريفية .
2 ـ دعم برامج تنمية الفرص الاقتصادية لمصابي الالغام .
3 ـ تأمين التأهيل الجسدي والنفسي والاجتماعي للافراد المصابين وعائلاتهم .
الحضور الكريم،
كنت سأكتفي بهذا القدر في لقاء محدد العنوان، ولكن
الكثير من العناوين المرتبطة بإزالة اثار الاحتلال الاسرائيلي عن معظم الاراضي
اللبنانية وبواقع المنطقة تضغط على لبنان وتستدعي ان نعبر عن موقفنـا منهـا خصوصاً
مع وجود هذا الحشد الدبلوماسي.
ان ما اود التأكيد عليه هو :
اولاً : ان الجيش الاسرائيلي وبأوامر من المستوى
السياسي في اسرائيل وعلى رأسه ارائيل شارون، يدفع عبر العدوان المتمادي على الشعب
الفلسطيني الى كارثة جديدة، وان هذه السياسات العدوانية ستؤدي عاجلاً ام آجلاً الى
اشعال المنطقة والى كرة نار سرعان ما ستكبر وتجعل من منطقة الشرق الاوسط منطقة
ملتهبة . ان لم تكن على الجميع فعلى كل الحكام الذين يدفنون رؤوسهم في الرمال
ويعتبرون ان دورهم لم يأت بعد.
ثانياً : ان المشكلة القائمة ليست في الفصل بين
المقاومة والارهاب، بل في الاجابة على سؤال : هل ان الاحتلال الاسرائيلي للاراضي
العربية واستخدام القوة والعنف المفرط، والاسلحة الحربية الحديثة، وتدمير المخيمات
والتجمعات السكنية، وتشريد السكان ونزع المزروعات، وتوسيع الاستيطان يمثل في
القانون والعرف الدولي ارهاباً ام لا ؟ وهل ان هذا الارهاب يمثل ذروة ارهاب الدولة
المتمادي ام لا ؟
ثالثاً : هل ستبقى اسرائيل تعامل كإستثناء لا تنطبق
عليه القرارات الدولية، وكذلك لا تخضع للرقابة الدولية في مجال انتاج الاسلحة
النووية واسلحة الدمار الشامل ؟
اخيراً ان ازالة 530 الف لغم من الاراضي اللبنانية
امر مهم ويبقى الاهم انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية والوقوف بوجه
الاطماع العدوانية الاسرائيلية على فلسطين وسوريا ولبنان.
عشتـــــــــــــم
عاش لبنــــــان