بسمه تعالى
في
هذا المساء الرمضاني، ابدأ بالسلام على الإمام الصدر.
السلام على تسابق خطواته إلى حواكيرنا، ليبذر بذار الأمل في أرضنا الطيبة ولرسالته
في الحياة التي هي المحبة والتسامح، وان نجهد كي نتعلم طرقات الأرض كما طرقات
السماء.
السلام على عناوين مؤسسات أمل التربوية، شهداء (أمل) والوطن: مصطفى شمران ومحمد سعد
وبلال وهشام فحص وحسن قصير الذين تحولت قاماتهم إلى صروح تربوية تمتد من الهرمل إلى
الخيام.
والسلام على أسرة أمل التربوية، على مجلس الإدارة وعلى إدارة كل مؤسسة وعلى كل
مربية ومربي.
والسلام على الأربعة عشر ألف تلميذا"، الذين يصطفون ليلقوا تحيـة الأمل بوجه اليأس،
وتحية المقاومة بوجه العدوان، وليهتفوا باسمنا: كلنا للوطن.
والسلام عليكم أيها الاخوة الأعزاء الذين لبيتم الدعوة إلى هذا العرس الرمضاني
السنوي، الذي نحاول كلنا فيه أن نؤكد وقوفنا المعنوي والمادي خلف الأهداف التي
انطلقت من اجلها مؤسسات أمل التربوية.
بداية
ومن دواعي سروري، يسرني أن أزف إلى جميع الذين اعتبروا مؤسساتنا التربوية رأسمالا"
وطنيا"، نستطيع خلاله التأكيد على أن التربية أضحت صناعة من كبريات صناعات العصر،
عبر الدور الذي يمكن أن تلعبه إلى جانب دورها التربوي والتعليمي، في التربية على
الديموقــراطية وفي التـربية على المشـاركة – يسرني أن أزف إليهم أن "مجمـع شهداء
الخيام" الذي كنا قد وضعنا حجر الأساس له خلال أعياد التحرير قد أنجز بناؤه في فترة
قياسية، وانه فتح أبوابه هذا العام لعدة اختصاصات بالتعاون مع المديرية العامة
للتعليم المهني في وزارة التربية، مما يوفر عناء النقل والانتقال أمام أبناء منطقتي
مرجعيون وحاصبيا مسافات من اجل تحصيل العلم واكتساب المهن والمهارات.
ويسرني التأكيد أن معهد الدراسات الجامعية والإسلامية في صور التابع للمؤسسات
وبالتعاون مع الجامعة الإسلامية، سيفتح أبوابه اعتبارا" من العام القادم.
إلا
أن الأساس الذي تركز عليه مؤسسات أمل التربوية المكتوبة على أسماء الإمام القائد
السيد موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب، وعلى أسماء شهداء الخيام ومجمع التحرير وشمران
ومحمد سعد وبلال وهشام فحص وحسن قصير خلال السنوات الخمس القادمة هو
استكمال مشاريع البناء لتشمل:
-
المسارح
-
المختبرات اللغوية
-
مكتبات على
المستوى العالمي
تعزيز
واقع الإدارة العامة ومجلس الإدارة من حيث التخطيط والإشراف وتطوير المناهج
والتجهيزات، كل ذلك يهدف إبراز: (جودة التعليم ونوعيته).
إنني
في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل سأبقى اشدد على مجلس إدارة مؤسساتنا التربوية
على وضع الخطط لإكساب طلابنا اللغات الأجنبية كوسائل للاتصال وكمصادر للثقافات
العالمية، وكذلك امتلاك المعارف العلمية واكتساب التفكير المنطقي والعلمي والتوجه
نحو البحث العلمي.
كما
أني في توجهي إلى مجلس الإدارة اشدد على اختصاصين أساسيين هما: المعلوماتية
والاتصال.
واشدد
على تربية أجيالنا على التمسك بخصوصياتنا الثقافية بمواجهة العولمة والآحادية.
واشدد
على التربية الوطنية التي تعرف الطالب على الوطن وعلى دستوره والمعارف القانونية
الضرورية وعلى الدولة وسلطاتها ومرافقها وأدوارها، وعلى مفهوم الحرية والسيادة
والتعايش الوطني والتضامن العربي والثوابت والمبادئ التي تحكم عملية بناء وصنع
السلام العادل والشامل.
واشدد
على التربية على مفهوم الحدود وعلى موقع مزارع شبعا في قضيتنا الوطنية. وعلى أننا
لن نقبل بمكافأة المحتل بتقديم جزء من ترابنا الوطني كهدية، ذلك لأن الأمم المتحدة
قررت أن هذه المزارع لا تقع في آلية هذا القرار خصوصا" ونحن نلمس أن بعض المواقف
أخذت تتجه لشرعنة الخروقات الجوية الإسرائيلية للأجواء اللبنانية بداعي الحق في
المـراقبة، فيمـا بدأنـا نشعر بضغوط تسعى لتجريد لبنان من قـوات اليونيفـل بـداعـي
أن القـرار 425 قد استكمـل تنفيذه، وهو الأمر الذي يتجـاوز على منطلقات هـذا
القـرار نفسه الذي ينص في مقدمتـه على أمرين:
-
احترام وحدة الأراضي اللبنانية، والطلب من إسرائيل أن توقف عملها العسكري ضد وحدة
الأراضي اللبنانية، وان تسحب قواتها من دون امهال من الأراضي اللبنانية، وهذا الأمر
لم يتم بفعل انتهاك الحق السيادي اللبناني على المزارع واستمرار إسرائيل احتلالها
للمزارع.
هذا
أولا"، وثانيا" فإن إنشاء القوة المؤقتة للأمم المتحدة العاملة بإشراف مجلس الأمن
الدولي قد تم لتحقيق أهداف من جملتها إعادة السلام الدولي والأمن إلى المنطقة، وهذا
الأمر لم يتحقق بالمطلق بل أن الوقائع كلها تشير إلى تهديدات متزايدة للأمن والسلام
الدوليين نابعة من التهديدات الإسرائيلية للبنان ولسوريا، ومن العمليات الأمنية
الإسرائيلية بوسائل عسكرية التي تنفذها إسرائيل ضد الاستقرار الأمني في لبنان
وسوريا .
أيها
الأعزاء،
وطالما أن الحديث عن القرارات الدولية، فإننا إذ لا نتطلع باستغراب ودهشة إلى تصاعد
الضغوط الأميركية على المنطقة والى الغطاء الذي تقدمه الإدارة الأميركية للعدوان
الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، واستعمالها حق النقض "الفيتو" لمنع إدانة
إسرائيل في مجلس الأمن، فإننا نعبر عن استغرابنا ودهشتنا من الإصرار على جعل لبنان
وسوريا هدفا" دوليا" انطلاقا" من القرار 1559 واستتباعاته.
لقد
سبق وأعلنا ملاحظاتنا على هذا القرار ووزعناها على أوسع دائرة برلمانية في العالم،
وأعلنا كذلك موقفنا من المستجدات المرتبطة بهذا القرار، ونقول للعالم أن علاقتنا
بسوريا لم تكن يوما" محكومة إلى الوجود العسكري، بل هي علاقات وجودية متكاملة
تاريخيا" وجغرافيا" وإنسانيا" ولغويا" وثقافيا"، وهي علاقات لا يمكن أن تحدها أية
قرارات، فالعـلاقة بين البلدين تمثل الدورة الدموية الكبرى والصغرى بالنسبة إليهما،
ونحن في البلدين إذا كنا نعتبر أن أحد أهدافنا هو تأكيد المصداقية الدولية بتنفيذ
القرارات الدولية دون استنسابية ودون وضع القرارات الواحد أمام الآخر، شرط احترام
حق سوريا ولبنان في إنتاج نظامهما السياسي وتنظيم علاقاتهما بما يخدم مصالح الشعبين
اللبناني والسوري.
أيها
الأعزاء،
بالعودة إلى هذه المناسبة فإنني لا اخفي عليكم خوفي من رعايتي وحضور المناسبات
التربوية، رغم أنى احمل في هذا المجال حلما" كنت ولا أزال مصمما" على تفسيره نتيجة
الحرمان ومعاناة الماضي، وفي تحقيق إيجاد مدرسة في كل قرية وبلدة من لبنان، وإيجاد
شبكة تربوية على مساحة المدن خصوصا" العاصمة وعواصم المحافظات والأقضية.
إن
خوفي ينبع ليس من مشكلة الكم المؤسسي أو النوعي للتربية، وكذلك ليس من المناهج،
فهناك تنافس على علوم العصر خصوصا" في مجالي المعلوماتية والاتصالات – إن هذا الخوف
- ينطلق من أن سوق العمل لا يستوعب الخريجين من مراحل التعليم وأنواعه، وان
لبنان اصبح رسميا" مصدرا" للموارد البشرية بشهادات عليا تحمل علامة فارقة وحيدة هي:
"صنع في لبنان".
إن
اكبر مأساة وطنية هي الهجرة الهائلة للشباب الذين أصادفهم في كل مكان من العالم
أثناء مهماتي الرسمية، وأنا لا املك جوابا" على سؤالهم : هل نعود إلى الوطن ؟ هل
هناك فرص للعمل ؟ .
إن
شبابنا في الخارج وأجيالنا المنتشرة والمغتربة يشكلون أنموذجا" في العصـامية وبناء
الذات والالتزام بالقوانين المرعية الإجراء في أي بلد، وقد حققوا شهرة في كل مجالات
الأعمال واخذوا مواقع سياسية تعبر عن مشاركتهم في كل ما يصنع حياة الدولة
والمجتمعات التي استضافتهم، وحققوا ثروات لولاها ولولا قرشهم الأبيض في أيامنا
السوداء لكان الوطن الأم لبنان يئن الآن تحت خط الفقر.
انه
لا يجوز الاستمرار في الواقع الراهن الذي تدفع ثمنه الأجيال دون أن نجيب بشكل واضح
على سؤال ماذا ترانا يجب أن نفعل ؟ كما انه لا يجوز الاستمرار في تقليد المثل
العامي المشهور القائل بأن "الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون".
انه
لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نحمل أجيالنا المقبلة النتائج المترتبة على سياساتنا
وقراراتنا، بحيث تجد هذه الأجيال نفسها أمام مشكلات متراكمة من كل نوع خصوصا" ما
ترتب من ديون على المستقبل.
في
لبنـان سوق التربية رائج وسط الكم الهائل والنوع الهائل للتعليم، إلا أن صناعة
التربية لا تخدم قوة العمل وقوة الإنتاج المحلية.
إنني
في هذا المجال أتساءل عن إمكانية رعاية اتفاقيات رسمية مع الدول العربية الشقيقة،
يفسح في إطارها المجال لإمكانية منافسة قوة العمل اللبنانية بجميع اختصاصاتها لقوى
العمالة الأجنبية القادمة من أنحاء متفرقة.
إن
هذا الأمر يحتاج إلى اهتمام حكومي أو إلى ترتيب الأولويات الحكومية انطلاقا" من
رعاية هذه المشكلة.
وطالما أننا وصلنا في الحديث إلى الحكومة فإنني في هذا المجال أقول، ان التجاذبات
المحلية لا تنتبه للأسف الشديد إلى أنها اختارت الوقوع في جدل حول الكثير من
العناوين بينما تدق التحديات الخارجية على أبواب الوطن بقوة.
إن
البعض يريد رأس الرئيس والبعض يريد رأس الحكومة والبعض يريد رأس مجلس النواب والبعض
يريد رأس المعارضة، فيما التحديات المسلحة بكل أنواع الضغوط الدبلوماسية
والاقتصادية والعسكرية تريد رأس الجميع.
إننا
في لبنان نخسر الوقت ونحن "نتعازم" على المشاركة في الحكومة، أو ونحن نحاول أن نقنع
أنفسنا بأن المقاطعة ستزيد من رصيد المعارضين.
كما
أننا في لبنان نخسر الوقت بامتياز ونحن نختلف على إطار الحكومة وعديدها، وغدا"
سنختلف على أسمائها ونوعها وأدوارها ثم تتعطل الحكومة عن أداء دورها.
لقد
كنا ولازلنا نقول كلاما" جميلا" من اجل أن نسهل على الجميع الانتباه إلى أن التهديد
بلغ درجة إعادة طرح لبنان كضرورة لبنانية وعربية ودولية، ومن اجل أن نسهل على
الجميع الملاحظة إن إدارة نقاش حول إبقاء أو إخراج لبنان من دائرة أزمة الشرق
الأوسط أمر يسهل للآخرين الاستثمار على هذا الاختلاف، خصوصا" وان الحكماء وعلى وجه
الأخص سيد بكركي يعرفون استحالة هذا الفصل، وان لبنان مثلا" لا يمكنه أن يصبح
رصيفا" أو ميناء يلقى عليه اللاجئون من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق ومن تخطط
إسرائيل لترحيلهم، كما أن لبنان لا يمكنه أن يصبح حارس حدود لإسرائيل، ولا يمكنه أن
يكافئ سوريا ويرد لها الجميل بأن يصبح مجاله الجوي أو البري أو البحري مصدر تهديد
لها.
لذلك
أقول للجميع:
لا
لحكومة تعتبر مهمتها إدارة الأزمة
نعم
لحكومة تحترم الناس والوقت وتلتزم بيانها الذي ستطرحه على مجلس النواب، والذي يجب
أن ينطلق من معالجة الواقع المعيشي وأزمة البطالة، والذي يجب أن يضع الأسس لتعميق
الثقة بالدولة – دولة المؤسسات – والذي ينزه القضـاء، والذي يعطـي دفعا" لمؤسسات
الرقابة واثبات الحق السيادي للبنان في اتخاذ قراراته.
أخيرا" أيها الأعزاء،
أعود
إلى مدرسة ( أمل ) لأجدد القول باسمها، ها نحن نقدم كل موسم ثمرة عام من الجهاد
التربوي، والنتائج تؤكد أن النجاح لا يتنازل عن نسبة المئة بالمئة.
إن
هذه الأجيال التي تتربى في هذه الصروح التربوية التي نجتمع اليوم من اجل دعمها،
ستكون دائما" في خدمة أنموذج التعايش الفريد الذي يمثله وطننا وفي خدمة وحدة لبنان.
عشتم
عاشت مؤسسات أمل التربوية
عاش لبنـــان