كلمة الرئيس نبيه بري في خلال رعايته السحور الرمضاني التراثي

الذي أقامته الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين في فندق شيراتون كورال بيتش


 

رعى رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري الخميس 22/ 11 /2001 السحور الرمضاني التراثي الذي أقامته الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين في فندق " شيراتون كورال بيتش " في حضور وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور أسعد دياب ممثلاً رئيس مجلس الوزراء السيد رفيق الحريري ووزير الطاقة والمياه الدكتور محمد بيضون والبيئة الدكتور ميشال موسى وعدد من النواب ورئيسة الجمعية السيدة رندة بري وحشد من السفراء والمسؤولين ورجال الأعمال والهيئات الخيرية والأهلية والاجتماعية .
 

بعد نبذة عن نشأة الجمعية وأقسامها ونشاطها .

ألقى راعي السحور رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري الكلمة الآتية:

 

بسمه تعالى

لليل الذي نزف فيه الوقت، ولا ننتبه الى قطار اعمارنا وهو يمضي بنا نياماً، او يسرقنا في السهر .

لليـل الذي ينفلت من قبضة النهار كلما دارت الارض دورتها، ويدخل فينا كشهيق انفاسنا، ويعدو فينا في سهول سواده يباغت قلقنا وخوفنا، ويمتحن قلوبنا وعيوننا ونحن اسرى احلامنا وكوابيسنا، الى ان يستيقظ فينا طائر الفجر .

لليـل رمضان الاستثنائي كتاب نهار الامساك عن زلة اللسان، وعن عناقيد الشهوة والزهو والكبرياء .

لليل رمضان النبيل، النظيف المفتوح كصفحة الصراط المكتوب بأحرف التراب .

ولرمضان شهر الله المفتوح على فرح القلب، والصوت المضيء بالكلمة التي كانت في البدء، ولرمضان الذي يملأ ارواحنا بالابتهالات والمحبة والزرقة والوجد .

لرمضان ... لنهاره الصابر المحتسب، ولليله الذي ينهض من اعماق سواده، ورد لقائنا الابيض، ولكم ايتها الاخوات والاخوة .. الاصدقاء جميعاً الف تحية وبعد ...

اجمل ما في رمضان ليس امتحان النفس في الصبر على الجوع او على العطش، او في اعتباره فرضاً واجباً في سداد دين للخالق الغني عنا .

اجمل ما في رمضان ان يستغرق القلب والنفس، وان يسكن فينا وان نسكن اليه، وان تنقاد اليه الالباب وتخضع له النفوس، وان يأسر العقل والنظر، فيصبح ( رمضان ) النحل الذي يستميل القلوب بحلاوة عسله المشتهى الذي لا ندركه الا بالصيام .

واجمل ما في رمضان ان نجتمع اليه وان نجتمع فيه، ان ننتبه الى الذين يقهرهم الحزن والحاجة والشدة، فننحاز اليهم حتى لا ينتهي الوطن الى الحزن ويصبح موائد متروكة للطريق، وحتى لا تصبح لغتنا مراثي، وفضاؤنا مقفلاً .

واجمل ما في رمضان ان نتذكر شهداءنا ابناءنا في المقاومة الذين صاموا عن حياتهم لاجلنا، وابوا الا ان يأخذوا بيد الوطن الى عيد التحرير . واجمل ما في رمضان ان الذاكرة تنتعش وتصبح كوردة مغمسة بالماء بعد عطش طويل، فتصحو من صمتها وتعيد تكوين المشاهد، فتسترجع صور الجنوب وهو في ذروة عذاباته، يوم كان دون احلام او مواسم، يوم سكنته الكوابيس والردى، ثم تنتبه الذاكرة الى افراح الزيتون في دير ميماس وحاصبيا وعين ابل وهـو لم ينعس جرحـه، وتنتبه الذاكـرة الى صباح التين في بنـت جبيل والى الثياب المطـرزة بالفـرح في مرجعيون .

تنتبه الذاكرة الى اننا عبرنا بوابة رمضان الى بوابة التحرير، لولا غصة على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي سيأخذنا صيامنا الى اثمار جنتها .

اجمل ما في رمضان انه يكسر اصنام العادات ويؤلف عادات جديدة، حيث يتجدد فينا، فينبهنا من رقادنا الى سحوره، نزيح عنا اكفان رماد النعس، ونردم العتمة بالضوء، ونأتي الى اجتماع الاسرة التي تكبر وتمتد على مساحة كل الايادي البيضاء التي تجتمع اليوم بدعوة من الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين .

اذن اجمل ما في رمضان ان نجتمع باسم احدى الجمعيات الانسانية الفريدة بإهتماماتها والتي نذرت نفسها من اجل تحويل الاعاقة من حالة الى حركة، وهي بفضلكم ارست دعائم مؤسسة رعائية على تلال الصرفند، وهي الاحدث في الشرق الاوسط في امكانياتها وتقنياتها وكادرها الطبي المتخصص، وايضاً في مجالات التدريب وتطوير الموارد البشرية للمعوقين وتحويلهم الى قوة عمل وانتاج .

 

إن اللقاء الليلة فرصة لتوجيه الشكر للمغتربين والمقيمين من ابناء الوطن، للصناعيين، لرجال الاعمال، لكل الخيرين وايضاً للدول الصديقة والشقيقة، التي اسهمت في دعم برامج ومؤسسات واهداف الجمعية .

واللقاء الليلة فرصة لتوجيه عناية جميع الاصدقاء الذين لبوا هذا اللقاء الرمضاني لنقول، ان الوقائع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة والتي يمكن ان تستتبع ضغطاً لظل الوقائع الدولية على بلدنا، تستلزم دعم مؤسسات المجتمع المدني التي اخذت على عاتقها مقاومة المرض والفقر والجهل، والتي وصلت على الدوام الى اشد المناطق حاجة، والتي كانت خلال محنة لبنان الداخلية وخلال مراحل صد العدوان الاسرائيلي ومراحل المقاومة المستمرة حاضرة ناضرة في كل الميادين الانسانية .

واللقاء الليلة فرصة للمصارحة والاعتراف، للمصارحة بأن الزمن القـادم ليس ابيض كما نشتهي، ولكنـه ليس مراً كما يتوقع .. انه بين بين، يعتمد في خروجنا من كوابيسه الى نهارات احلامنا على تضامننا وتكاتفنا ووحدتنا، واحساسنا بالوقت واحساسنا بالمحتاجين واحساسنا بالوقائع .

 

ان الفجر الذي نريد ان ينبلج في موعده المترجل في شرفات القلب، يعتمد على استمرارنا في العطاء، كل منا في موقعه، يعتمد على ان موسم الفرح الاخضر الذي زرعنا قامات ابنائنا من اجله والذي اثمر تحريراً، لازال يحتاج ان ننهض لنأخذ بأيدي اهلنا لتنمية مواردهم وزيادة كفاءاتهم وتوسيع خياراتهم، وتأمين فرص العمل لهم وايضاً وايضاً اسواق روؤفة بهم .

سوف لا ازيد عليكم، ولا ازيد على قلوبكم واطيل عليكم الكلام، واعود لأترك الوقت يستريح الى سهركم قبل ان يدق موعد الامساك، واعود لاغامر معكم بحشد النجوم واستضافة الاقمار.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 


أعلى الصفحة | اتصل بنا |

حقوق الطبع محفوظة 2002 ©

أنجز هذا الموقع الفريق الفني في مصلحة المعلوماتية - مجلس النواب اللبناني