دراسة للنائب ابراهيم كنعان عن أوجه الاختلاف بين الهيئة العامة في المجلس النيابي واللجان في ضوء احكام النظام الداخلي

 

وزع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان نص دراسة أعدها عن "أوجه الاختلاف ما بين الهيئة العامة واللجان في ضوء أحكام النظام الداخلي" في مجلس النواب، تتطرق الى سرية الجلسات والنصاب القانوني في اللجنة والمحاضر والتقارير، وجاء فيها:

 

"خصص النظام الداخلي لمجلس النواب أحكاما خاصة بكل من الهيئة العامة واللجان النيابية فأفرد الفصل السابع منه لأعمال اللجان فيما أفرد الفصل التاسع لجلسات الهيئة العامة. وقد تضمن الفصل المتعلق بأعمال اللجان تسع عشرة مادة، وتضمن الفصل المتعلق بجلسات الهيئة العامة اثنتي عشرة مادة. ونظرا لتعدد أوجه التشابه والاختلاف في ما بين جلسات الهيئة العامة من جهة، وأعمال اللجان من جهة ثانية، سيقتصر هذا البحث على المواضيع الأربعة التالية: النصاب السرية والعلنية المحاضر التحضير والتقرير.

 

أولا: النصاب

 

1-       تنص المادة 30 من النظام الداخلي المتعلقة بالنصاب في اجتماعات اللجان على ما يلي: "لا تكون جلسة اللجنة قانونية في الجلسة الأولى إلا بحضور أكثر من نصف الأعضاء. أما في الجلسات التالية فتكون الجلسة قانونية للنظر بجدول أعمال الجلسة الأولى على أن لا يقل عدد الحاضرين عن ثلث عدد أعضاء اللجنة.

 

2-       وتنص المادة 55 من النظام الداخلي المتعلق بنصاب اجتماعات الهيئة العامة على ما يلي:

"لا تفتح جلسة المجلس إلا بحضور الأغلبية من عدد أعضائه. ولا يجوز التصويت إلا عند توافر النصاب في قاعة الاجتماع".

 

أما مبرر وجود هذا الاختلاف فمرتبط بكون المقررات التي تتخذها اللجان أعمالا تحضيرية غير نافذة بذاتها في حين أن مقررات الهيئة العامة أعمال تقريرية نافذة بعد إعلانها بواسطة النشر الذي يعتبر عملية إدارية تقوم بها السلطة التقريرية في الدولة. وهنا لا بد من البحث في النصاب القانوني عندما تجتمع لجنة المال والموازنة من أجل درس مشروع الموازنة العامة.

 

فسندا لأحكام المادة 43 من النظام الداخلي التي تنص على ما يلي: "يبلغ أعضاء اللجان مشروع الموازنة العامة فور وروده إلى المجلس. تدعو لجنة المال والموازنة إلزاميا كل لجنة من لجان المجلس، وقبل يومين على الأقل، لحضور الاجتماعات التي تدرس فيها الموازنة المتعلقة بأعمال هذه اللجنة، ويشترك أعضاء هذه اللجنة في المناقشة وتقديم الاقتراحات والتصويت"، أعطي كل من لجان المجلس الأخرى، إضافة إلى حقوق أعضائها كنواب المكرسة بموجب المادة 33 من النظام الداخلي:

 

 -  حق الدعوة إلزاميا لحضور الجلسة عندما تدرس لجنة المال والموازنة موازنة متعلقة بأعمال اللجنة المعنية.

  - حق التصويت على المقررات والاقتراحات.

 

إلا أن أعضاء هذه اللجان لم يعطوا حق الاحتساب من ضمن النصاب القانوني، لأن هذا الحق لا يمكن استنتاجه اجتهادا بل يجب أن يكون مكرسا بنص قانوني صريح كما هو حال حق التصويت. فلو كان المشترع راغبا بمنح أعضاء اللجان الأخرى حق التصويت لكان عبر عن رغبته صراحة بالنص على ذلك في النظام الداخلي لمجلس النواب. تجدر الإشارة إلى ما ورد في الصفحة 101 من كتاب الدكتور خطار شبلي في هذا الشأن: "ويحق للنواب من غير أعضاء اللجنة (أي لجنة المال والموازنة) أن يحضروا اجتماعاتها وأن يدلوا باقتراحاتهم بدون أن يكون لهم حق التصويت"، الأمر الذي يفيد بأن نص المادة 43 من النظام الداخلي هو نص مستحدث في النظام الداخلي وبأن مفاعيله تقتصر على ما أدخله حصرا من تعديل.

 

ثانيا: العلنية والسرية

 

1-       تنص المادة 34 من النظام الداخلي المتعلقة بجلسات اللجان على ما يلي: "جلسات اللجان وأعمالها ومحاضرها ووقائع المناقشة والتصويت سرية ما لم تقرر اللجنة خلاف ذلك".

 

2-        وتنص المواد 51 و 52 و 53 من النظام الداخلي المتعلق بجلسات الهيئة العامة على ما يلي:

 

"المادة 51: جلسات المجلس علنية إلا إذا قررت الأكثرية عقدها سرية بناء على طلب الحكومة أو خمسة نواب على الأقل.

 

المادة 52: عندما تقرر الأكثرية سرية الجلسة يستشار المجلس فيما إذا كان يوضع بها هيئة محضر أم لا وما إذا كانت مقرراتها تذاع أم لا. المادة 53: لا يحضر أحد حتى من موظفي المجلس جلساته السرية ويقوم أمينا السر بتنظيم المحضر إذا قرر المجلس وضع محضر للجلسة".

 

فالسرية هي المبدأ في اجتماعات اللجان النيابية وما ينتج عنها من أعمال ومحاضر ومناقشات واقتراحات ومقررات، ما لم تقرر اللجنة خلاف ذلك. والعلنية هي المبدأ في جلسات الهيئة العامة ما لم تقرر الهيئة خلاف ذلك. واجتماعات اللجان، بالرغم من سريتها، يحضرها أمين سر اللجنة الموظف المكلف من قبل رئيس المجلس بضبط وقائع الاجتماع.

 

في حين أن جلسات الهيئة العامة السرية تعقد دون حضور أي موظف من المجلس. ووقائع اجتماعات اللجان النيابية السرية منها والعلنية (إذا قررت اللجنة ذلك) تضبط إلزاميا في محاضر ينظمها أمين السر.

 

في حين أن جلسات الهيئة العامة السرية تضبط في محضر ينظمه أمينا السر (وهما نائبان) إذا قررت الهيئة العامة ذلك.

 

 

ثالثا : المحاضر

 

1-        تنص المادة 37 من النظام الداخلي المتعلقة بضبط وقائع جلسات اللجان على ما يلي: "تضبط وقائع جلسات اللجان في محضر تفصيلي يتضمن المناقشات والآراء والمقترحات والقرارات التي أبديت، ويوقع المحضر رئيس اللجنة والمقرر وأمين السر".

 

2-       وتنص المادة 58 من النظام الداخلي المتعلقة بمحاضر جلسات الهيئة العامة على ما يلي:

"يوضع لكل جلسة محضر تفصيلي وخلاصة محضر ما عدا الجلسات السرية التي تخضع لإجراءات خاصة. تدون في المحضر التفصيلي جميع الوقائع والقرارات التي تحصل أثناء الجلسة ويطبع المحضر ويوزع على النواب في مهلة خمسة عشر يوما على الأكثر. يذكر في خلاصة المحضر:

 

-           أسماء النواب الغائبين بعذر أو بغير عذر.

 

-          الوزراء الذين مثلوا الحكومة في الجلسة.

 

- المواضيع التي طرحت على المجلس وأسماء النواب الذين اشتركوا في المناقشة. المقررات التي صدرت عن المجلس".

    3-  وتنص المادة 59 من النظام الداخلي المتعلقة بتصديق خلاصة محضر جلسات الهيئة العامة على ما يلي:

 

"تصدق خلاصة محضر كل جلسة في مستهل الجلسة التي تلي، إلا إذا رأت الرئاسة أن المقررات التي اتخذت تستوجب التصديق في نهاية الجلسة، حينئذ يصدق المحضر في ختام الجلسة".

 

فجلسات اللجان النيابية تضبط في محاضر تفصيلية، وجلسات الهيئة العامة يوضع لها نوعان من المحاضر: محاضر تفصيلية، وخلاصات محاضر.

 

والمحاضر التفصيلية بوقائع جلسات اللجان النيابية توقع فقط من رئيس اللجنة والمقرر وأمين السر (الموظف) تدليلا على صحتها، وتحفظ نظرا لطابعها السري (المادة 34 من النظام الداخلي)، في حين أن المحاضر التفصيلية بوقائع جلسات الهيئة العامة تطبع وتوزع على النواب ما لم تكن الجلسة سرية كما سبق أن أشرنا في البند ثانيا أعلاه. وجلسات الهيئة العامة توضع له أيضا خلاصات محاضر هي التي تتلى وتصدق، في حين أن جلسات اللجان النيابية لا توضع لها خلاصات محاضر، وبالتالي لا تخضع محاضرها للتلاوة والتصديق، لأنها محاضر تفصيلية لا خلاصات محاضر، ولأن ما من نص في النظام الداخلي أو سواه ينص على تلاوتها وتصديقها، إضافة إلى كون تلاوتها بنهاية الجلسة ذاتها متعذر لعدم إمكانية وضعها خلال الجلسة، وكون تلاوتها في مستهل الجلسة التالية يستغرق وقتا مماثلا لوقت الجلسة التي ضبطت وقائعها.

 

رابعا : التحضير والتقرير

 

1-       تنص المادة 16 من الدستور على ما يلي: "تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب".

 

2-       وتنص المادة 18 من الدستور على ما يلي: "لمجلس النواب ومجلس الوزراء حق اقتراح القوانين. ولا ينشر قانون ما لم يقره مجلس النواب".

 

فالسلطة التقريرية على الصعيد التشريعي محصورة إذن في المجلس النيابي. ولما كان من الصعب درس جميع مشاريع القوانين واقتراحات القوانين درسا معمقا ومسؤولا في الاجتماعات التي تعقدها الهيئة العامة نظرا لكثرة عدد أعضائها، وتباين اختصاصاتهم، فقد تم توزيع العمل على عدة لجان يختص كل منها بموضوع معين، على اعتبار أن هذه اللجان تصلح أكثر من المجلس مجتمعا لدرس المشاريع والاقتراحات المحالة عليها نظرا لاختصاص أعضائها وقلة عددهم.

 

وعليه فإن دور اللجان النيابية يقتصر على الأعمال التحضيرية التي تمهد سبيل مناقشة مشاريع واقتراحات القوانين في الهيئة العامة التي يبقى بإمكانها أن تقر هذه المشاريع أو ترفضها كليا أو جزئيا حتى ولو وافق عليها أعضاء اللجنة بالإجماع. ولذلك نص النظام الداخلي على إمكانية انعقاد جلسات اللجان بأكثرية ثلث عدد أعضائها في حين حظر في الوقت ذاته انعقاد جلسات الهيئة العامة إلا بحضور الأغلبية المطلقة من عدد أعضاء المجلس.

 

بالطبع هناك أوجه أخرى للتوافق والاختلاف بين أعمال اللجان النيابية وجلسات الهيئة العامة، إلا أننا ارتأينا في هذه العجالة أن نستعرض ألأوجه الأربعة للاختلاف المشار إليها أعلاه، لأنها مثار جدل في الآونة الأخيرة.