مداخلة الرئيس بري في المؤتمر الإسلامي في تركيا : “إسرائيل تحاول ضرب الوحدة وتقويض الحوار”


 

افتتح المؤتمر الرابع لإتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الأربعاء 12/4/2006 أعماله في إسطنبول.

واستهلت الجلسة بكلمة للرئيس التركي احمد نجدت سيزار. ركز فيها على فكرة الإتحاد والتضامن بين مجالس الدول الأعضاء بغية تعزيز التعاون.

ثم ألقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان كلمة ركز فيها على القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة وفي طليعتها العراق.

ثم تحدث رئيس المجلس الوطني التركي بولنت ارنيك فركز في كلمته " على الجهود التي تبذلها لتعزيز التضامن الإسلامي، وبعد ذلك توالى على الكلام على الكلام عدد من رؤساء البرلمانات ومجالس الشورى.

 

وألقى الرئيس بري كلمة هذا نصها:

 

      بسم الله الرحمن الرحيم

 

      السيد بولنت ارنيك المحترم

      رئيس المؤتمر

      رئيس مجلس النواب في الجمهورية التركية

      السيد رئيس اتحاد مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي

      السيد رئيس مجلس الاتحاد

      زملائي الأعزاء رؤساء المجالس ورؤساء الوفود والنواب المشاركين

      الحضور الكريم

 

      بداية أتقدم بالشكر الجزيل لمجلس النواب التركي ولرئيسه الصديق بولنت ارنيك ولهذا البلد الجار والصديق والعزيز ، لاستضافة أعمال اجتمـاعات الهيئة التنفيذية ومجلس اتحاد مجالس الدول الإسلامية ومؤتمرها ، وأود ان اشكرهم بصفة خاصة على حسن الاستقبال والتنظيم وعلى عقد هذا المؤتمر في اسطنبول ، هذه المدينة – المتحف والكتاب التي تختصر زمنا" طويلا" من تاريخ الشرق كما من تاريخ الغرب ، وكذلك زمنا" من مشاهد لحروب صغيرة وكبيرة وذاكرة للانتصارات والانكسارات للأمل والألم .

 

      الزملاء الأعزاء

 

      تنعقد اجتماعاتنا على مساحات أيام طويلة كنا نفترض باللجنة التنفيذية والأمانة العامة اخذ اقتراحاتنا بشأنها بعين الاعتبار واختصارها الى النصف، وكسبا" للوقت الذي ستكرر فيه كل هيئة من هيئات الاتحاد عرض جدول أعمال متشابه نصا" وروحا"، وكذلك معاودة بحث نفس العناوين التي سبق وتطرقت اليها اجتماعات مجالس ومؤتمرات اتحادنا وصدرت بشأنها الإعلانات من غير عاصمة عربية.

لقد اتخذت قراري بالتحدث إليكم لأنقل إليكم خبرتي وتجربتي من مواقعي البرلمانية المختلفة ومن ضمنها رئاسة هذا الاتحاد، وكذلك اتخذت هذا القرار من اجل ان أطالب بإعادة النظر بهيكلية الاتحاد وبطريقة اجتماعاته واليات تنفيذ مقرراته وتوصياته.

لذلـك ومن موقع الخبرة والتجربة والحرص على الوقت واستخدامه، وتوصلا" الى جدوى تشريعية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقـافية من هذا الاتحاد، اسمحوا لي بطرح الاقتراحات التالية:

اولا": ان تكون رئاسة الاتحاد لمدة عامين أي الفترة بين مؤتمرين، بحيث يصادق المؤتمر على مقررات مجلس الاتحاد التي من ضمنها اختيار رئيس للاتحاد من المجموعات الجغرافية الثلاثة وحسب الدور لأن رئاسة الاتحاد على النحو الذي يجري تداوله تعيق حسن تسيير الاتحاد وإدارة شؤونه.

ثانيا": إلغاء اللجنة التنفيذية والاستعاضة عنها بهيئات ولجان دائمة مختصة تابعة للاتحاد، مع الإشارة انه قد تشكلت ثلاث لجان ستباشر أعمالها مع انتهاء أعمال المؤتمر.

ثالثا": ان جدول أعمال اجتماعات مجلس ومؤتمره الاتحاد يجب ان تبنى بطريقة مختلفة، حيث من الملاحظ تغييب الدور التشريعي المشترك الذي يمكن ان يلعبه الاتحاد، إضافة الى الاستثمار على الاتحاد كمؤسسة يمكنها ان تلعب دورا" في تعزيز العلاقات المشتـركة وفي كل المجالات بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي.

رابعا": اقتصار الاجتماعات في إطار الاتحاد على بحث العناوين السياسية وإصدار مواقف دون اتخاذ مبادرات في إطار دعم برامج حل النزاعات القطرية أو الثنائية في العالم الإسلامي.

إنني في هذا المجال أدعو الى تشكيل هيئة برلمانية في إطار الاتحاد تأخذ على عاتقها مساندة إدارة الحوارات الوطنية لتعزيز السلم الأهلي داخل أقطارنا ومجتمعاتنا وفيما بينها.

إنني ابني هذا الدعوة استنادا" الى الأدوار البرلمانية في هذا المجال عبر العالم، واعتمادا" على التجربة اللبنانية المستمرة لإدارة حوار تحت قبة البرلمان اللبناني حول القضايا الوطنية الضاغطة.

خامسا": غياب الاتحاد عن لعب دور تجاه قضايا الديموقراطية على مساحة عالمنا الإسلامي خصوصا" إزاء ما يتعرض له البرلمانيون من ضغوط وأعمال تعسف وقمع وإعتقال.

إنني هنا أود ان أشير الى وجود عدد كبير من البرلمانيين الفلسطينيين من أعضاء المجلسين الوطني والتشريعي داخل السجون الاسرائيلية.

ان هناك لجنة مختصة بهذا الشأن في إطار الاتحاد البرلماني الدولي وهو الأمر الذي يستدعي تشكيل لجنة برلمانية من اتحادنا لمواكبة أعمال اللجنة الاولى ولإثارة القضايا المتصلة بالشؤون البرلمانية، وممارسة النواب لوكالتهم عن ناخبيهم بحرية ورفع الممارسات التعسفية للسلطات خصوصا" السلطات المحتلة.

 

      الزملاء الأعزاء،

 

ان هذه العناوين البرلمانية المتصلة بدور وفعاليات اتحادنا لا تغني عن نقاشنا المستفيض لقضايا عالمنا الإسلامي واتخاذ ما يلزم من توصيات وقرارات.

إن أُولى القضايا هي ما يتعرض لها عالمنا الإسلامي من حملات الإساءة والتحريض والتي استهدفت الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم.

إننا نرى ان هذه الحملات تنطلق من موقع الهجوم على رسالة الإسلام ودور ديننا السموح في تشكيل عالمنا الإسلامي ودولنا ومجتمعاتنا، وان تلك الحملات تنبع من سياسة غربية – صهيونية موجهة تعبر عن عدوانية تستهدف تاريخنا ومعتقداتنا وتراثنا الإنساني.

إننا ندعو اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الذي يمثل أوسع مؤسسة منتخبة للرأي العام الإسلامي، الى الوقوف في خط الدفاع الأمامي عن المقدسات الإسلامية وتحمل مسؤوليته واتخاذ القرارات الحازمة بالطلب الى الحكومات قطع كل أنواع العلاقات مع أي جهة أو دولة أو مجموعة ترتكب هذه الإساءات.

 

ثانيا": إنني أوجه عنايتكم الى استمرار إسرائيل في مناورتها بالذخيرة الحية على أجساد الفلسطينيين وممتلكاتهم وكذلك تعزيز الأطواق الاستيطانية حول القدس.

ان استهداف إسرائيل للشعب الفلسطيني وتجربته الديموقراطية وما ترتب عليها من نتائج هو في نفس الوقت استهداف عابر للحدود بالتهديدات والاستعدادات لعدوان ضد لبنان.

في هذا الإطار فقد أعلن الجيش الاسرائيلي الإستنفار العام على طول الحدود مع لبنان اعتبارا" من يوم الأحد بتاريخ 19/3/2006 وصعد من تحركاته الجوية والبحرية في المجال الجوي والمياه الإقليمية اللبنانية.

إننا لا نشك للحظة ان إسرائيل ستحاول ان تقوض الحوار الوطني في لبنان، ذلك لأن سلام لبنان يمثل أفضل وجوه الحرب مع إسرائيل وكذلك لأن لبنان التعايش هو نقيض إسرائيل العنصرية.

إننا نعبر عن مخاوفنا وهواجسنا من أن إسرائيل ستعمل لضرب الوحدة الوطنية اللبنانية لأنها تمثل سلاح مقاومة لبنان الأساسي للعدوانية الاسرائيلية.

إننا أيها الزملاء ندعوكم للتعبير عن دعمكم ومساندتكم للشعبين الفلسطيني واللبناني بمواجهة الغطرسة الاسرائيلية.

كما أننا ندعوكم لدعم مسيرة الحوار الوطني اللبناني، وتحصين لبنان بشبكة إسلامية على مساحة منظمة المؤتمر الإسلامي، لأن لبنان التعايش يشكل الأنموذج والأمثولة التي يمكن للعالم الإسلامي ان يتفاخر بها مقابل شعارات الغرب الداعية الى صراع الأديان والحضارات.

 

ثالثا": وبالانتقال من لبنان وفلسطين الى العراق وسوريا، فإني أدعو مؤتمر الاتحاد الى تجاوز بيانات الدعم والاستنكار للواقع الدموي في العراق وإتخاذ خطوة عملية باتجاه تشجيع الحوار بين جميع القوى الممثلة لأطياف الشعب العراقي.

إنني وبصراحة مطلقة أقول ان الأحداث الدموية في العراق والتي تأخذ في كل يوم صورة أبشع مما قبلها ليست من شيم العراقيين وليست صناعة عراقية، بل هي بكل تأكيد صناعة أجنبية حملتها قوات الاحتلال التي تحاول تعميم الفوضى والفتنة في العراق وعبر حدود العراق الى دول الجوار.

ان منظمة الدول الإسلامية بكل مؤسساتها البرلمانية والحكومية مدعوة للرد على تكتيك الفوضى المعتمد على مساحة الدول المحتلة من فلسطين الى أفغانستان والعراق بمشروع لدعم عناصر الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للشعوب والمجتمعات الإسلامية.

ان تقوية عناصر الوحدة على المستوى القطري الإسلامي كما على مستوى العالم الإسلامي، يمثل ضرورة ملحة تمهيدا" لصوغ مشروع الشرق الأوسط الإسلامي الكبير مقابل مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أنتجته الدول الصناعية الكبرى والذي يهدف الى السيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية.

قبل ان أختتم اسمحوا لي أن أنوه وان أوجه عنايتكم الى أن ضرورات الحاكم قد تملي عليه القبول بالتسويات وإنصاف الحلول والتنازلات، وأحيانا" تقديم المصالح على المبادىء، إلا ان هذا الأمر لا ينطبق على البرلمانات التي تستطيع اخذ الكرة الى ملعبها والتجاوز على الحكومات لمصلحة الشعوب ولمصلحة المستقبل، ذلك لأن منبر البرلمانات هو المنبر الأكثر حرية في التعبير.  

إنني هنا أذكركم بالموقف النبيل للبرلمان التركي إزاء حرب العراق يوم اتخذ قراره الشهير بمنع استعمال الأراضي التركية لعبور القوات البرية الغازية.

 

ثم رفعت الجلسة عند الأولى والربع حيث عقد رؤساء البرلمانات والشعب البرلمانية العربية اجتماعاً خاصاً بهم نوقش خلاله بعض القضايا والمواضيع المدرجة على جدول أعمال المؤتمر.

 

وفي ختام أعمال الدورة الثامنة لمجلس اتحاد مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي والمؤتمر الرابع للإتحاد صدرت المقررات التي تضمنت إدانة لاستمرار احتلال إسرائيل لمزارع شبعا ومناطق لبنانية اخرى، واعتقالها عدداً من المواطنين اللبنانيين وعدم تسليمها خريطة الألغام، وتأكيداً على حق المقاومة في استكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة والتصدي لأي اعتداءات إسرائيلية.

 وتضمنت المقررات دعماً لمبادرة الحوارية التي أطلقها الرئيس بري وللحكومة اللبنانية في سعيها الى عقد مؤتمر بيروت الاقتصادي.

 

                                     والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته